عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
شفاء العليل شرح منار السبيل
203709 مشاهدة
فصل الشك في الحدث أو الطهارة

قوله: [فصل: ومن تيقن الطهارة وشك في الحدث أو تيقن الحدث وشك في الطهارة عمل بما تيقن] وبهذا قال عامة أهل العلم، قاله في الشرح لقوله -صلى الله عليه وسلم- إذا وجد أحدكم في بطنه شيئا، فأشكل عليه هل خرج منه شيء أم لا، فلا يخرجن من المسجد حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا رواه مسلم والترمذي .


الشرح: المراد من قوله عن فلا يخرجن من المسجد أي لا يقطع
صلاته سواء كان في المسجد أو في غير المسجد، لكن الأغلب أنه -صلى الله عليه وسلم- يخاطب المصلين في المسجد.
فلو كان الإنسان يصلي في بيته، أو في صحراء، فوجد ذلك، فلا يخرج من الصلاة حتى يتحقق الحدث، وقد قيده -صلى الله عليه وسلم- في الحديث بأن يسمع صوتا، أو يجد ريحا، والمراد أن يتيقن وجود الحدث ولو لم يسمع صوتا، أو يجد ريحا، ولكن هذا هو الغالب على نقض الحدث.
فإذا تحقق الإنسان أنه أحدث فإن وضوءه يبطل.
وهذا الحديث قاعدة أصولية عند العلماء، وهي أن الأشياء على أصلها حتى يتحقق زوال ذلك الأصل، وذلك آخذا من هذا الحديث.
فقد نهي الإنسان أن يلتفت إلى الأوهام، وإلى الوساوس، بل يبقى على يقينه حتى يتحقق زوال ذلك الوضوء اليقيني، فإذا تحقق زواله بنى عليه، سواء كان الوصف الأصلي هو الطهارة، والشك في الحدث، أم كان العكس،. بحيث كان الوصف الأصلي هو الحدث، والشك في الطهارة. فإذا كنت قد تحققت أنك محدث ولكن اعترضك شك: هل رفعت ذلك الحدث أم لا؟ فالأصل بقاء ذلك الحدث حتى تتحقق زواله، فتبني على ما استيقنت.
وهكذا العكس: إذا كنت متحققا أنك متطهر، ثم اعترضك الشك في الحدث: هل انتقض وضوئي أم لا؟ فلا تلتفت إلى هذا الشك حتى تتحقق الانتقاض.
والعلماء يسفون ما يجد الإنسان في بطنه (قراقر).
وقد ورد في الحديث إذا أتى الشيطان أحدكم فقال له. قد أحدثت، فليقل له: كذبت. إلا ما وجد ريحه بأنفه، أو سمع صوتا بأذنه يعني لا يلتفت إلى ما يخيله الشيطان.
ويعتري هذا كثيرا من الذين يبتلون بالأوهام والوساوس، فتجد أحدهم دائما يحيل إليه هذا الخيال، وكان الأولى به أن لا يلتفت إلى هذا الخيال، بل يبني على ما هو الأصل.
فهذه القاعدة يعمل بها سواء كان الشك في خروج الريح أم كان في غيره من نواقض الوضوء، فحيث أنه شك فلا يلتفت إلى ذلك.