إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
شفاء العليل شرح منار السبيل
203904 مشاهدة
غسل الرجلين مع الكعبين

قوله: [وغسل الرجلين مع الكعبين] لقوله تعالى: وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ .


الشرح: الفرض الثالث من فروض الوضوء: غسل الرجلين مع الكعبين لقوله تعالى: وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ والكعبان هما العظمان الناتئان في جانبي القدم وهما داخلان في الغسل؛ لأن قوله تعالى في الآية (إلى) بمعنى (مع) كما سبق في غسل اليدين.
ويدل على غسل الرجلين عدة أحاديث صحيحة منها: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- رأى جماعة توضؤا وبقيت أعقابهم تلوح لم يمسها الماء فقال: ويل للأعقاب من النار وقال جابر -رضي الله عنه- أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا توضأنا أن نغسل أرجلنا وعن عمر -رضي الله عنه- أن رجلا توضأ فترك موضع ظفر على قدميه فأبصره النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ارجع فأحسن وضوءك وغير هذا من الأحاديث الكثيرة الدالة على غسل الرجلين، فلا عبرة بعد هذا بقول الرافضة أن المتوضئ يمسح على رجليه ولا يغسلهما، واستدلوا بقوله تعالى: (وأرجلكم إلى الكعبين) أي بجر (وأرجلكم) عطفا على قوله تعالى: (وامسحوا برؤسكم) وهذه قراءة متواترة.
والرد عليهم أن يقال: بأن قوله تعالى وَأَرْجُلَكُمْ قد قرئت بالنصب، فهذا صريح في الغسل لأنها تكون حينئذ معطوفة على قوله وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ .
وأما قراءة الجر فيجاب عنها بخمسة أجوبة.
1- أن تحمل على أنها من باب المجاورة، أي أن (أرجلكم) جرت؛ لأن (رؤوسكم) مجرورة، وهذا مشهور في لغة العرب، ومنه قولهم: (هذا جحر ضب خرب) بجر (خرب) برغم أن الأصل رفعه؛ لأنه صفة لحجر، وحجر مرفوع، وإنما جر لمجاورته كلمة (ضب) المجرورة.
2- الجواب الثاني: أن قراءة الجر معناها: اجعلوا غسلكم للرجلين كالمسح أي لا يكون غسلا تتبعون به أنفسكم؛ لأن من عادة الإنسان أن يكثر من غسل رجليه؛ لأنها هي التي تباشر الأذى، فمقتضى العادة أنه يزيد في غسلها، فقراءة الجر يقصد منها- والله أعلم- كسر ما يعتاده الناس من المبالغة في غسل الرجلين؛ لأنهما اللتان تلاقيان الأذى.

3- الجواب الثالث: أن قراءة الجر تنزل على حالي من أحوال الرجل وهي كونها مستورة بالخف، فيجب حينئذ مسحها، وأما قراءة النصب فتنزل على حال تكون فيها الرجل مكشوفة، فيجب حينئذ غسلها.
4- الجواب الرابع: أنه لو ثبت أن المراد بالآية المسح لحمل المسح على الغسل جمعا بين الأدلة والقراءتين؛ لأن المسح يطلق على الغسل كما ذكر هذا جماعة من أئمة اللغة، يقال: مسح المطر الأرض أي غسلها.
5- الجواب الخامس: أن قراءتي النصب والجر يتعادلان، والسنة بينت ورجحت الغسل فيتعين.