تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
كتاب الروض المربع الجزء الثاني
80930 مشاهدة
كتاب الروض المربع الجزء الثاني

لكل أحد أن لا يشرع إلا إذا وجد سبب؛ الأشهر والأكثرون من الفقهاء أنه مشروع لكل أحد؛ كل من أراد أن يحرم فيشترط؛ يقول حبسني حابس فمحلي حيث حبستني. يقولون: إن الإنسان تعرض له عوارض؛ يمرض يضيع، تضيع نفقته، يخطئ الطريق يعترضه قطاع طريق؛ فيأخذون متاعه ويأخذون نفقته؛ فلأجل ذلك يشترط.
وذهب آخرون إلى أنه لا يشترط إلا إذا خاف، واستدلوا بأنه -عليه الصلاة والسلام- ما أمر إلا ضباعة بنت الزبير أو يعني: ضباعة أخت الزبير ضباعة هذه دخل عليها وهي تريد الحج ولكنها مريضة، وخشيت إذا أحرمت ألا تكمل النسك فأباح لها أن تشترط، وقال: إن لك على الله ما استثنيتت إذا مرضت أو عجزت عن الإحرام عن الطواف عن السعي عن الوقوف، فإن لك على الله ما استثنيت؛ لك أن تتحللي ولا يلحقك شيء فدل على أن الاشتراط يختص بمن خاف على نفسه ؛ من أحس بضرر، أو كان هناك خوف أو ما أشبه ذلك.
وبكل حال إن اشترط ولو كان سليما وصحيحا جاز ذلك؛ لأنه لا يأمن الحوادث وقوارع الدهر؛ لا يأمن أن يحصل له حادث، أو يعوقه عائق، أو يمنعه مانع، لا يعلم الغيب إلا الله، وإذا لم يشترط فلا بأس وهو الأكثر، يعني: الأصح أنه لا يشترط، ولو كان أغلب الفقهاء قالوا: إنه يشترط كما في المتن. فائدة الاشتراط إذا حبسه حابس ومنعه مانع تحلل، تحلل من إحرامه ولبس ثيابه وعاد إلى بلده ولو لم يكمل نسكه، وأما إذا لم يشترط فإنه يكون كالمحصر: فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فالمحصر إذا منع من البيت، أو مرض أو حصل له حادث يبقى على إحرامه حتى يذبح ذبيحة، أو حتى يصوم عشرة أيام، ولا شك أن في هذا مشقة، فإذا اشترط سقط عنه الصوم؛ تحلل وسافر بلا صوم وبلا ذبح إذا قال: حبسني حابس ومحلي حيث حبستني فعلى كل حال أكثر العلماء على أنه يشترط، والمحققون كشيخ الإسلام ابن تيمية يقولون: لا يشترط إلا عند الخوف. هذا بالنسبة إلى الاشتراط.
ثبت أنه صلى الله عليه وسلم أمر به ضباعة ولم يأمر به غيرها. أيش بعد الاشتراط؟