إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
كتاب الروض المربع الجزء الثاني
82705 مشاهدة
وقت الدفع من مزدلفة

ثم عليه الدفع بعد نصف الليل أو غياب القمر.


من المشهور أنهم ما دفعوا إلا في آخر الليل، وآخر الليل تلك الليلة: يبدأ من غروب القمر؛ لأنها الليلة العاشرة، فيسن أن لا يدفع إلا إذا غرب القمر فيترخصوا، ولكن الفقهاء قالوا: بنصف الليل أخذا من اسم المبيت. قالوا: إن من بات إلى نصف الليل صدق عليه أنه بات بها؛ إذا وصلها مثلا في الساعة الثانية وقت العشاء، ثم صلى العشاء، ثم بات، ثم استيقظ مثلا في الساعة السادسة نصف الليل أو الساعة السابعة نصف الليل، ثم توجه معلوم أنه قد قضى أكثر الليل؛ لأن أكثر ما يكون الليل بين المغرب والفجر اثنتا عشرة ساعة، إذا غربت الشمس الساعة الثانية عشر أذن الفجر في الساعة الثانية عشر يعني: بينهما اثنتا عشرة ساعة، فإذا لو قالوا: إن لهم الدفع ليلا فالصواب والأفضل الانتظار كما ذكرنا، وعلى كل حال أكثر الفقهاء أو أكثر السلف قالوا: ينصرف إذا غاب القمر. نعم.