تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
شفاء العليل شرح منار السبيل
203734 مشاهدة
الشك في نجاسة الماء أو في طهارته

قوله: [وإن شك في كثرته فهو نجس ].


الشرح: أي لا يستعمله في الطهارة؛ لأنه لم يتيقن كثرته وبلوغه القلتين، ولا يضر النقص اليسير، وقد علمنا أن الصواب عدم نجاسة الماء إلا إذا تغير بالنجاسة سواء كان قليلا أم كثيرا.
أما من شك في نجاسة الماء أو في طهارته فإنه يبني على اليقين، فمثال الشك في النجاسة: أن يكون عندك ما لا تعلم نجاسته، ثم وجدت فيه روثه لا تدري أروثة بعير أم روثة حمار، ولكنك رأيت الماء قد تغير بهذه الروثة، فإنك ستشك هل هو نجس أم طاهر؛ لأنه إذا كانت الروثة روثة بعير فالماء طاهر؛ لأن روث ما يؤكل لحمه طاهر- كما سيأتينا إن شاء الله- وأما إن كانت الروثة روثة حمار فإن الماء يصبح نجسة؛ لأن روث الحمار نجس، ففي هذه الحالة تبني على اليقين، واليقين عندك أن الماء طاهر، فلك استعماله بلا حرج.
وهكذا يقال في غير الماء إذا شككت فيه، كما إذا شككت في نجاسة ثوب، فإن الأصل الطهارة حتى تعلم نجاسته بيقين.
وهكذا يقال لا الأرض التي تريد الصلاة عليها، ونحو ذلك، هذه هي الصورة الأولى، وهي إذا شككت في نجاسة الماء، وهي أنك تبني على اليقين وهو أن الماء طهور.
أما إذا كان العكس، فشككت في طهارة الماء، فإنك تبني على اليقين، وهو أن الماء نجس، حتى تعلم طهارته يقينا، وقولنا بأنك تبني على اليقين مأخوذ من قول النبي -صلى الله عليه وسلم- للرجل الذي شكى إليه أنه يجد الشيء في بطنه فيشكل عليه هل خرج منه شيء أم لا، فقال -صلى الله عليه وسلم- لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا فأمره -صلى الله عليه وسلم- بالبناء على الأصل، وهو البقاء على الطهارة، والأصل في مسائلنا السابقة هو بقاء الماء على ما كان عليه، فلا ينتقل عنه إلا بدليل يقيني. ولهذا فإنه إذا مر إنسان تحت ميزاب مثلا فأصابه ماء متساقط منه، فلم يدر أهو طاهر أم نجس، فإن الأصل الطهارة، حتى ولو كان لون الماء متغيرا، قال شيخ الإسلام (لم يلزم السؤال بل يكره) ويروى أن عمر -رضي الله عنه- مر هو وصاحب له بميزاب، فأصابهم منه، فسأل صاحبه صاحب الميزاب: هل هدا نجس أم لا؟ فقال له عمر يا صاحب الميزاب لا تخبرنا.