إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
شفاء العليل شرح منار السبيل
203867 مشاهدة
الماء الطهور المكروه استعماله ومنه الماء إذا تغير بملح مائي

قوله: [ أو تغير بملح مائي] كالملح البحري؛ لأنه منعقد من الماء.


الشرح: الملح نوعان: ملح معدني، وملح مائي، فالملح المعدني هو كالذي نستعمله في طعامنا، وهو مما يختلط بالماء ويمتزج به، فلو أخذت حفنة منه ووضعتها في الماء لذاب فيه، والمذهب أن الماء إذا تغير بالملح المعدني أنه يسلبه الطهورية، واختار شيخ الإسلام أن الملح المعدني كالملح المائي.
وأما الملح المائي فهو ملح البحار، وهو يباين المعدني في صفاته، فلو أخذت غرفة من ماء البحر وصببتها على ماء بئر مثلا لطفا فوقه ولم يختلط به، ولأمكنك أن تعزل هذا عن هذا، وقد قال سبحانه: وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ .
فالحاصل من قول المؤلف أنه يكره استعمال الماء إذا تغير بملح مائي خروجا من خلاف من قال بأن الماء تسلب طهوريته بهذا الملح، والصواب: الأول.