تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
210857 مشاهدة
البينة على المدعي واليمين على من أنكر

وقد قال صلى الله عليه وسلم: البينة على المدعي، واليمين على من أنكر .
وقال: إنما أقضي بنحو ما أسمع
فمن ادعى مالا ونحوه فعليه البينة إما شاهدان عدلان، أو رجل وامرأتان، أو رجل ويمين المدعي لقوله تعالى: وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ البقرة: 282 .
وقد قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- بالشاهد مع اليمين وهو حديث صحيح .


قوله: (وقد قال صلى الله عليه وسلم: البينة على المدعي، واليمين على من أنكر ):
هذا الحديث يعمل به ولو كان فيه مقال، وقد ذكره النووي في الأربعين النووية وحسنه، وهو مروي في البيهقي وغيره.
والرواية التي في الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم: اليمين على المدعى عليه (اليمين)، يعني: الحلف، (على المدعى عليه)، أي: المنكر.

وسبب ذلك أن المدعي جانبه ضعيف، والمدعَى عليه جانبه قوي لأن الأصل براءة ذمته.
فلو جاءك إنسان بعيد وقال: لي عندك ألف، ولم يكن هناك قرائن فأنت جانبك قوي لأن الأصل براءة ذمتك، ويطالب هو بالبينة؛ لأنه المدعي، فإن لم يأت بها تحلف أنت اليمين ولا تطالب بشيء وتسقط دعواه.
قوله: (وقال: إنما أقضي بنحو ما أسمع ):
هذا جزء من حديث أم سلمة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سمع خصومة في الباب فخرج إليهم وقال: إنكم تختصمون إلي، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فأقضي له بنحو مما أسمع وفي رواية: إنما أقضي بنحو ما أسمع، فمن قضيت له بحق أخيه فإنما أقطع له قطعة من النار فليأخذها أو ليدعها .
استدلوا بذلك على أن حكم الحاكم لا يحرم الحلال ولا يحلل الحرام، وإنما هو حكم ظاهري فلا يغير ما في نفس الأمر، فإذا حكم لك القاضي أنه ليس في ذمتك شيء لأنك حلفت على ذلك وأنت تعلم أنك مدين فلا تبرأ ذمتك بحكم القاضي لك.
كذلك لو أتيت بشهود زور فحكم القاضي على المدعى عليه وانتزع منه الدعوى التي هي مثلاً دين كذب وأخذته أنت فإنما تأخذ قطعة من النار حيث إنك أخذت ما لا يحل لك.
قال الله تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ البقرة: 188 .

يعني: تحتجون بحكم الحاكم، فحكم الحاكم لا يغير ما في نفس الأمر.
قوله: (فمن ادعى مالا ونحوه فعليه البينة... إلخ):
البينة هي: الشاهدان العدلان، أو الشاهد واليمين، أو رجل وامرأتان، فيما يتعلق بالأموال، فشهادة النساء لا تصح إلا في الأموال، وأما في الطلاق والنكاح والقذف والزنا وما أشبهها؛ فلا يقبل فيها إلا الرجال.
فإذا أتى بشاهدين عدلين حكم له، فإن لم يجد وأتى برجل وامرأتين حكم له، فإذا لم يكن معه إلا رجل وحلف يمينا حكم له، قال الله تعالى: وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى البقرة: 282 .
وقد ذكروا أن امرأتين شهدتا عند قاض فأراد أن يفرق بينهما ويسأل كل واحدة بمفردها، فامتنعت الأخرى وقالت: إن الله يقول: أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى يعني: أن إحداهما قد تخبر بشيء نسيته أو جهلته فتذكرها الأخرى فهذا في الأيمان.

وثبت أنه صلى الله عليه وسلم قضى بالشاهد واليمين، في عدة أحاديث صحيحة أو مجموعها يبلغ درجة الصحة.