إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
210938 مشاهدة
باب حكم المرتد


[ باب: حكم المرتد ]
والمرتد هو: من خرج عن دين الإسلام إلى الكفر، بفعل أو قول أو اعتقاد أو شك.
وقد ذكر العلماء رحمهم الله تفاصيل ما يخرج به العبد من الإسلام، وترجع كلها إلى جحد ما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- أو جحد بعضه غير متأول في جحد البعض.
فمن ارتد: استتيب ثلاثة أيام، فإن رجع وإلا قتل بالسيف.


[ باب: حكم المرتد ]
قوله: (والمرتد هو من خرج عن دين الإسلام إلى الكفر، بفعل أو قول أو اعتقاد أو شك... الخ):
ذكر العلماء -رحمهم الله- تفاصيل ما يخرج به العبد من الإسلام، حتى ذكر بعضهم أكثر من مائة خصلة من فعلها يعتبر مرتدًا، ومنها: سبّ الله أو سب الرسول -صلى الله عليه وسلم- أو سب القرآن، أو إذا كذب بالبعث أو امتهن القرآن وداسه مثلا في النجاسات وما أشبهها، أو استهزأ بالصلاة والمصلين ونحوهم، أو جحد وجوب الصلاة، أو جحد تحريم الخمر، أو جحد تحريم الربا أو ما أشبهها، أو أنكر البعث
والنشور أو أنكر قدرة الله على أفعال العباد أو على كل شيء مثلاً، أو أنكر علم الله بالأشياء الماضية أو الحاضرة.
وأخذوا يعددون مثل هذه الأشياء التي يمكن أن تصل أو تزيد على المائة، فمثل هذه الأشياء لو فعل واحدة منها اعتبر مرتدًّا، زيادة على من خرج عن الإسلام فاختار دين النصارى أو اختار دين الهندوس أو دين البوذيين أو دين اليهود أو القاديانيين أو السيخ أو سجد للأوثان وعبد الأصنام، وما أشبه ذلك.
هذه الأشياء من فعل واحدة منها يعتبر مرتدًّا.

فالحاصل أن الردة تكون بالفعل: كالسجود للصنم، أو بالقول: كسب الله تعالى أو سب دينه، أو بالاعتقاد: كأن يعتقد أنه لا بعث أو لا نشور ولا جنة ولا نار، أو شك: كأن يشك في نبوة الرسول عليه الصلاة والسلام أو يشك في صحة هذا القرآن أنه كلام الله أو ما أشبه ذلك.
فالحاصل أن تفاصيل ما يخرج العبد من الإسلام مفصلة في كتب العلماء- رحمهم الله.
قوله: (وترجع كلها إلى جحد ما جاء به الرسول -صلى الله عليه وسلم- أو جحد بعضه غير متأول في جحد البعض):
فمن جحد شيئًا من سنة الرسول المعلومة بالضرورة أو جحد بعض ما جاء به، سواء من المباحات أو من المحرمات أو من الواجبات؛ يعتبر مرتدًّا، حتى المباحات لو جحد أو أنكر تحليل الخبز أو الطيبات كالفواكه والمأكولات الشهية، وقال: هي حرام اعتبر مرتدًّا، لأنه أنكر شيئًا معلومًا من الدين بالضرورة.
قوله: (فمن ارتد: استتيب ثلاثة أيام، فإن رجع وإلا قتل بالسيف):
دليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: من بدل دينه فاقتلوه ولما أسلم يهودي عند أبي موسى في اليمن جاء إليه معاذ وكان هذا اليهودي قد ارتدّ بعد ذلك وأوثقه أبو موسى
فجاءه معاذ وقال: لا أنزل حتى يقتل، فلم ينزل حتى قتل، وقال: قضاء الله ورسوله أن من بدل دينه فاقتلوه .
هذا آخر الحدود.