شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
210919 مشاهدة
حد البغي

ومن خرج على الإمام يريد إزالته عن منصبه فهو باغ.
وعلى الإمام: مراسلة البغاة وإزالة ما ينقمون عليه مما لا يجوز، وكشف شبههم.
فإن انتهوا كف، عنهم، وإلا قاتلهم إذا قاتلوا.
وعلى رعيته معونته على قتالهم.
فإن اضطر إلى قتلهم أو تلف مالهم: فلا شيء على الدافع.
وإن قتل الدافع كان شهيدًا.
ولا يتبع لهم مدبر، ولا يجهز على جريح، ولا يغنم لهم مال، ولا يسبى لهم ذرية.
ولا ضمان على أحد الفريقين فيما أتلف حال الحرب من نفوس وأموال.


البغاة:
قوله: (ومن خرج على الإمام يريد إزالته عن منصبه فهو باغ):
بدأ الكلام على البغاة، والبغاة: هم الذين يخرجون عن طاعة الإمام، مثل الخوارج الذين خرجوا عن طاعة علي.
قوله: (وعلى الإمام: مراسلة البغاة، وإزالة ما ينقمون عليه مما لا يجوز، وكشف شبههم):
إذا اتحدوا عليه وقالوا: نخرج عليه؛ لأنه فاجر ولأنه عاص ولأنه فعل كذا وكذا، كما فعل الخوارج مع علي، لما أنهم قالوا: حكمت الرجال، وقالوا: إنك أبحت القتال ولم تبح السبي ولم تبح الغنيمة، وقالوا: إنك فعلت وفعلت، فأرسل إليهم ابن عباس يناظرهم فرجع أكثرهم.
فعلى الإمام مراسلة البغاة حتى يعرف ما ينقمون عليه به، فإذا ذكروا له أننا ننكر عليك الخصلة الفلانية، وننقم عليك أنك فعلت كذا وفعلت كذا، فإنه يزيل ما ينقمون عليه مما لا يجوز إذا كانوا صادقين، فإذا كان لهم شبهة فإنه يدحضها ويزيل ما ينكرون، ويبين عذر؛ في ذلك
قوله: (فإن انتهوا كف عنهم، وإلا قاتلهم إذا قاتلوا):
أي: إذا رجعوا فإنه يكف عنهم، أما إذا لم ينتهوا ولم يرجعوا فإنه يقاتلهم لكف شرهم، وهم ليسوا كفارًا، ولكنهم منكرون لشيء قد لا يكون منكرًا.

قوله: (وعلى رعيته معونته على قتالهم):
كما فعل المسلمون مع علي حينما قاتل الخوارج.
قوله: (فإن اضطر إلى كملهم أو تلف مالهم فلا شيء على الدافع):
إذا قاتلهم ثم اضطر إلى قتلهم في الحرب فإنه لا شيء على الدافع، وكذا إذا أتلف شيئا من مالهم فلا شيء على الدافع.
والدافع هو: الذي يقاتل مع الإمام، والإمام يلزمه قتالهم حتى يكف
شرهم؛ لأنهم يحاولون خلعه.
قوله: (وإن قتل الدافع كان شهيدًا):
كالذين قتلوا مع علي.
قوله: (ولا يتبع لهم مدبر، ولا يجهز على جريح، ولا يغنم لهم مال، ولا يسبى لهم ذرية):
يعني: إذا انهزموا، وذلك لأنهم مسلمون، وإنما قوتلوا لكف شرهم، فإذا أدبروا انكسرت شوكتهم، فلا يجوز أن تتبعهم وقد انهزموا وهربوا فلا نتبع المدبرين وإذا مررنا بالجريح فلا نقتله؛ بل نعالجه لأنه مسلم، وأموالهم لا تحل لنا

لأنهم مسلمون وأموالهم ليست غنيمة لأننا ما قاتلناهم إلا لنكف شرهم، وكذلك لا تسبى لهم ذرية لأنهم أحرار لا يسبون.
قوله: (ولا ضمان على أحد الفريقين فيما أتلف حال الحرب من نفوس وأموال):
إذا انفصلت الحرب بين الخوارج وبين الإمام وقد أتلف منهم أموالا وأتلفوا منه أموالا، فإنه يعفى عن هؤلاء وهؤلاء فلا يقولون: إنك قتلت منا مائة فاضمنهم. فإنه يقول لهم: قتلتهم لكف شرهم، ولا يقول أيضا: اضمنوا لنا أنكم قتلتم كذا منا وأتلفتم مالاً، فهم يقولون: قاتلناك؛ لأننا نعتقد خدك وخروجك وضلالك، فقاتلناك من أجل ذلك.
فالحاصل: أن البغاة هم الذين يخرجون على الإمام ويحاولون رده أو خلعه، ولهم شبهات ولهم شوكة ولهم قوة ولهم منعة، مثلما حصل من الخوارج الذين خرجوا على علي.