من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
211105 مشاهدة
القتل الخطأ

الثالث: الخطأ، وهو: أن تقع الجناية منه بغير قصد بمباشرة أو سبب.
ففي الأخير لا قود ؛ بل الكفارة في مال القاتل، والدية على عاقلته، وهم:
عصابته كلهم، قريبهم وبعيدهم، توزَّع عليهم الدية بقدر حالهم، وتؤجل عليهم ثلاث سنين، كل سنة يحملون ثلثها.


القسم الثالث: الخطأ:
قوله: (الثالث: الخطأ: وهو أن تقع الجناية منه بغير قصد بمباشرة أو سبب):
الخطأ: هو أن تقع الجناية منه بغير قصد، فإذا رمى صيدًا فأصاب به إنسانًا فهذا

خطأ، ومثلها حوادث السيارات فلو صدم إنسانًا بسيارته وكان مسرعًا فهذا من الخطأ، ولو حفر حفرة في الطريق فسقط فيها أعمى فمات فإن عليه الدية، أو وضع حجارة في طريق ضيق فجاء إنسان غافل فعثر به فمات بسببه فإن عليه الدية. إذن فشبه العمد والخطأ فيهما الدية والكفارة.
قوله: (ففي الأخير لا قود؛ بل الكفارة في مال القاتل،... إلخ):
أي: قتل الخطأ لا قصاص فيه، بل فيه الكفارة والدية، والكفارة تكون من مال القاتل، وهي: تحرير رقبة مؤمنة، فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين قال تعالى: وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا النساء: 92 .
أما الدية فتكون على العاقلة، وعاقلة الرجل هم أقاربه: إخوته، وأعمامه، وبنو أعمامه، وأعمام أبيه وبنوهم وبنو بنيهم، وأعمام جده وبنوه وأبناء بنيهم، وأعمام جد أبيه وبنوهم وبنو بنيهم، ونحو ذلك إلى الجد الخامس أو السادس توزع بينهم هذه الدية وتفرق عليهم على ثلاث سنين حتى لا تجحف بأموالهم، وذلك لأن من شأن العاقلة أنهم يتحامون وأن بعضهم يرفق ببعض، فلو أوجبناها في ماله وهو غير متعمد لأضرت به فكان من الحكمة جعلها على العاقلة، وكذلك جعلها مفرقة على ثلاث سنين حتى لا تسبب لهم ضررًا، وهذا في دية الخطأ وكذلك دية شبه العمد.
وقوله: (قريبهم وبعيدهم): البعد حدد إلى الجد الخامس أو السادس على

حسب كثرتهم وقلتهم، توزع عليهم بقدر حالهم، وإذا كان بعضهم أحسن حالا من بعض فإنه يزاد على الغني أكثر من الفقير.