إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
شفاء العليل شرح منار السبيل
204235 مشاهدة
استعمال دواء لقطع الحيض أو جلبه

قوله: [وللأنثى شربه لحصول الحيض، ولقطعه] لأن الأصل الحل حتى يرد التحريم، ولم يرد.


الشرح: وهذا أيضا مما قد تحتاج إليه المرأة أحيانا، وهو استعمال دواء لقطع الحيض أو استعمال دواء لجلبه.
فالمرأة قد تستخدم حبوبا أو نحوها لتوقف أو لتؤخر دم الحيض عنها، لأجل مواصلة الصوم- مثلا- والصيام مع الناس، وإما أن تريد حجا أو عمرة.
فقال بعض العلماء: يجوز لها أن تشرب دواء مباحا لا ضرر فيه يوقف أو يؤخر الحيض مدة تحتاج إليها، فإذا فعلت ذلك فالأصل الإباحة، ويجزؤها صومها وصلاتها، فلو كانت عادتها- مثلا- تأتيها دائما في اليوم الحادي عشر، ثم إنها استعملت دواء من اليوم الحادي عشر إلى اليوم السابع عشر، وهي أيام الحيض، ثم صفت في هذه الأيام، وصامت، وقرأت، فصيامها مجزئ، ولا يقال بأنها قد صامت أياما متحققا أنها أيام حيض؛ لأنها قد صامتها وليس هناك حيض، وهكذا يقال في جميع عباداتها الأخرى من صلاة، وحج، وعمرة، وغير ذلك.
فالحاصل أن استعمال الدواء لقطع الحيض أو لإيقافه مدة الأصل فيه الجواز إذا لم يكن فيه ضرر، أما إذا خيف من ضرره فلا؛ لأن بعض النساء قد يكون في دمها قوة، فإذا توقف فقد يضرها.
أما الحبوب التي تمنع الحمل فقد أجاز بعض العلماء استعمالها في حالات:
الحالة الأولى : إذا كانت المرأة ضعيفة الخلقة، والحمل والوضع يضر بصحتها، فيجوز لها- والحالة هذه- استعمال دواء لمنع الحمل، كالحبوب ونحوها.
والحالة الثانية : إذا كان الأولاد يخرجون ضعيفين هزيلين لتتابعهم ولكثرتهم، فيجوز أن تستعمل المرأة دواء يوقف الحمل حتى تربي ولدها.
أما إذا كان الأولاد لا يتضررون من تتابع الحمل فلا يجوز لها ذلك.

والحالة الثالثة : إذا كان الرجل وامرأته في بلاد قد استولى عليها الكفار، ومتى ولد لهم تربى على أيدي الكفار، واعتنق عقيدتهم، وأصبح منهم.
نعم ... الأب والأم قد يعرفان العقيدة والدين، ولكنهما لا يقدران على تربية الولد على ذلك في بلاد الكفار، لذا فقد أجاز بعض العلماء أخذ لقطع النسل، أو لإيقافه مدة محددة.
ومما ينبه له هنا بعض النساء قد تشتكي من تتابع الحمل، وأنها قد تحمل بعد أول وطء بعد أربعين النفاس، فلذا تلجأ لحبوب منع الحمل.
والصحيح أن لذلك علاجات أخرى غير الحبوب، منها: عدم ترك الرضاع، فقد ذكرنا فيما مضى أن المرأة إذا اشتغلت بالرضاع توقف الحمل عنها غالبا، حيث أن الحيض يتوقف، ولكن لما تركت الرضاع عاد إليها الحيض فحملت بعد ذلك.
ومن الأسباب التي تؤخر الحمل أن يتوقف الزوج عن وطئها في أول الطهر ؛ لأن الوطء في أول الطهر ينعقد به الحمل عادة، فإن توقف أسبوعا أو عشرة أيام من أول الطهر فإن الوطء بعد ذلك غالبا لا ينعقد منه حمل.
ومنها: العزل، وهو مذكور في كتاب النكاح، والمذهب الحنبلي يرى أنه لا يجوز العزل عن المرأة إلا برضاها وموافقتها .
فهذه الأشياء مما قد يحتاج إليها في هذه المسألة فلذلك ذكرناها.