الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة
شفاء العليل شرح منار السبيل
204172 مشاهدة
الختان

قوله: [والختان واجب على الذكر والأنثى] لأنه من ملة إبراهيم -عليه السلام- وفي الحديث اختتن إبراهيم بعدما أتت عليه ثمانون سنة متفق عليه وقد قال تعالى ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وقال -صلى الله عليه وسلم- لرجل أسلم: ألق عنك شعر الكفر واختتن رواه أبو داود . وفي قوله -صلى الله عليه وسلم- إذا التقى الختانان وجب الغسل دليل على أن النساء كن يختتن، وقال أحمد كان ابن عباس يشدد في أمره حتى قد روي عنه أنه لا حج له ولا صلاة.
[عند البلوغ وقبله أفضل] لأنه أقرب إلى البرء، ولأنه قبل ذلك ليس مكلفا. ونقل في الفروع عن الشيخ تقي الدين أنه قال: يجب إذا وجبت الطهارة والصلاة .


الشرح: الختان بالنسبة للذكر هو قطع الجلدة التي فوق الحشفة، تسمى القلفة، أو الغرلة، وبالنسبة للأنثى هو قطع لحمة زائدة فوق محال الإيلاج، قال الفقهاء- رحمهم الله- بأنها تشبه عرف الديك، وسبب الختان للرجال هو تكميل الطهارة حتى لا يبقى في القلفة شيء من بول نجس، وربما تقاطر على ثوبه، فشرع قطعها لتمام الطهارة، وأول من سن الختان إبراهيم -عليه السلام- كما، روى ذلك البخاري، المذهب أنه واجب على الرجال عند البلوغ؛ لأنه قبله لم يكن مكلفا، ولقول ابن عباس كانوا لا يختنون الرجل حتى يدرك رواه البخاري قال شيخ الإسلام: (يجب إذا وجبت الطهارة والصلاة).
وأما إذا خاف على نفسه من الختان فإن وجوبه يسقط عنه، وذلك كأن يسلم من هو كبير السن- مثلا- ويكون إسلامه في زمن الشتاء فيخشى إذا اختتن أن يتسمم الجرح، فله تأخير الختان إلى وقت مناسب.
ومثله من كان في بلاد شديدة البرد أو الحر أو الرطوبة فيخشى أن يتأخر برء الجرح إذا اختتن، فله تأخير الاختتان إلى الوقت المناسب.
وأدلة وجوب الختان قد ذكر الشارح شيئا منها، ومن ذلك حديث من أسلم فليختتن قال الزهري (كان الرجل إذا أسلم أمر بالاختتان) .
ومنها أن الاختتان تكشف له العورة، فلو لم يكن واجبا لم يجز كشفها له.
ومنها أنه ميزة بين المسلمين والنصارى حيث كان المسلم يعرف بالختان، بخلاف الكافر النصراني الذي لا يختتن.
ومنها أن الختان قطع شيء من بدن الإنسان وهذا لا يجوز ومحرم، والحرام لا يباح إلا بالواجب.
ومنها أنه يقوم به ولي اليتيم، وهو اعتداء عليه وعلى ماله؛ لأنه سيعطي الخاتن أجره من مال اليتيم، فلو لم يكن واجبا لما جاز هذا


الفعل والاعتداء منه على ماله وبدنه.
وقيل: الختان واجب على الرجال سنة للنساء - وهو رواية في المذهب- لقوله -صلى الله عليه وسلم- الختان سنة للرجال مكرمة للنساء ؛ ولأنه يتوصل به إلى كمال الطهارة، ولاتفاق المسلمين عليه في حق الرجل، وأما النساء فغاية فائدته أنه يقلل من غلمتها أي شهوتها، وهذا طلب كمال، وليس من باب إزالة الأذى.
وذهب مالك و أبو حنيفة إلى أنه سنة في حق الرجل والمرأة واحتجوا بحديث الفطرة عشرة: المضمضة والاستنشاق والسواك وقص الشارب وتقليم الأظافر وغسل البراجم ونتف الإبط والانتضاح بالماء والختان والاستحداد قالوا: فلو لم يكن سنة لما ذكر مع هذه السنن.
والجواب عن هذا أن نقول بأن هذا غير ممتنع، وهو أن يذكر الواجب بين السنن، فقد يقترن المختلفان، كما في قوله تعالى: كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ والأكل مباح، والإيتاء واجب، ونظائر هذا كثير في الكتاب والسنة.
فالصواب في هذه المسألة أن الختان واجب على الرجال وسنة للنساء، وأنه يستحب فعله في الصغر لأنه أسرع برء، ولينشأ المولود على أكمل الأحوال، قال مكحول: (ختن إبراهيم - عليه السلام- ابنه إسحاق لسبعة أيام) ولا توقيت في ذلك، فمتى اختتن قبل البلوغ كان مصيبا.