لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
شفاء العليل شرح منار السبيل
204076 مشاهدة
بول وروث المأكول لحمه

قوله: [وما أكل لحمه، ولم يكن أكثر علفه النجاسة، فبوله وروثه وقيئه ومذيه ومنيه ولبنه طاهر]
لقوله -صلى الله عليه وسلم- صلوا في مرابض الغنم رواه مسلم . وقال للعرنيين: انطلقوا إلى إبل الصدقة فاشربوا من أبوالها متفق عليه .


الشرح: تقدم الكلام على أن كل ما أكل لحمه فإنه طاهر وهو حي، وكذلك يطهر بالتذكية، كالإبل، والبقر، ونحوه مما يذكى.
وهكذا الصيد كالظباء ونحوها .
وهكذا كل مأكول من الطير، كالحمام، والحبارى، ونحوها.
وحيث أن كل ما لمجل لحمه فهو طاهر فكذلك فضلاته تكون طاهرة، كبوله، وروثه، ومنيه، وما أشبه ذلك.
ودليل ذلك أمره -صلى الله عليه وسلم- القرنيين أن يشربوا أبوال الإبل وألبانها، فإذا جاز شرب الأبوال من الإبل ألحق به ما دونه: كالقيء، والمني، ونحوه.
وهكذا يلحق بها غيرها من بهيمة الأنعام، ومن كل مباع حلال الأكل.
ومن الأدلة- أيضا- على طهارة فضلات ما جمل لحمه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أباح الصلاة في مرابض الغنم، فلو كانت فضلاتها نجسة لما أمر بالصلاة في مرابضها لكون مرابضها تحوي كثيرا من فضلاتها، كروثها، وبولها، مما لا شك في ملامسة بعضه للمصلي المأمور باجتناب النجاسة، فدل هذا على طهارة فضلاتها.
أما ما ورد من النهي عن الصلاة في مبارك الإبل، فقد علل ذلك بأنها مأوى للشياطين- كما جاء في الحديث- لا لنجاستها.
فالصحيح أن كل مأكول اللحم فإن فضلاته طاهرة سواء كان هذا المأكول من بهيمة الأنعام، أو من الصيد، أو من الطير، أو ما أشبه ذلك.
مسألة : المعاطن هي الموارد، واصلها من (العطن) وهو كثرة الروث.
وهي الأماكن التي تأوي إليها الإبل، وتكثر من المبيت فيها، وأكثر ما يكون الروث في الزرائب التي تعمل للدواب.
أما المبارك فهي الأماكن التي تبرك فيها الإبل، ولا تطيل المدة فيها، فربما لا تبيت فيها إلا ليلة واحدة، أو نحوها.