الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه.
شفاء العليل شرح منار السبيل
204123 مشاهدة
المستحاضة المعتادة

قوله: [فصل ومن جاوز دمها خمسة عشر يوما فهي مستحاضة] لأنه لا يصلح أن يكون حيضا، فإن كان لها عادة قبل الاستحاضة جلستها ولو كان لها تمييز صالح، لعموم قوله -صلى الله عليه وسلم- لأم حبيبة امكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك ثم اغتسلي وصلي رواه مسلم .


الشرح: ابتدأ المصنف هنا في بيان أحكام المستحاضة فبعدما ذكر لنا مقدار الحيض: أقله، وأكثره، وغالبه، ذكر أن الاستحاضة ليست بحيض، فإذا كانت أكثر مدة الحيض نصف شهر، فما زاد عليه فهو استحاضة.
وقد ذكرنا- فيما سبق- أن شهر المرأة هو ما يأتيها فيه حيض وطهر كاملان، سواء كان شهرا هلاليا أم لا.
فإذا كانت تحيض سبعة أيام وتطهر ثلاثة وعشرين يوما ، فشهرها ثلاثون، وهو الشهر الهلالي، وهكذا إذا كانت تحيض ستة أيام وتطهر أربعة وعشرين يوما ، فشهرها هلالي، أما إذا كانت تحيض خمسة أيام ،وتطهر ثلاثين يوما ، فشهرها خمسة وثلاثون صوما، فإذا كانت تحيض عشرة أيام، وتطهر أربعين يوما فشهرها يكون خمسين يوما ، لكن غالب النساء يكون شهرها هلاليا، أي ثلاثين يوما أو نحوها، وقد يزيد يوما أو يومين، وقد ينقص.
والمستحاضة لها ثلاث حالات:

الحالة الأولى: وهي أن تكون معتادة، والمعتادة هي التي لها عادة قد عرفتها، استمرت معها نحو عشر سنين أو عشرين أو نحوها، فعرفت- مثلا- بأن حيضها يكون ستة أيام من كل شهر، فهي تحيض في الثالث وتطهر في العاشر مثلا، واستمرت على هذا الحال، ثم بعد ذلك اختلط عليها الأمر، فهذه تجلس عادتها فقط وتعدها حيضها، وما عداها فهو استحاضة، والدليل عليه قول النبي -صلى الله عليه وسلم- لفاطمة بنت أبي حبيش - وهي من اللاتي استحضن على عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- فقال لها النبي -صلى الله عليه وسلم- دعي الصلاة قدر الأيام التي كنت تحيضين فيها ثم اغتسلي وصلي وفي حديث آخر قال -صلى الله عليه وسلم- دعي الصلاة أيام أقرائك فدل هذا على أنه قد كان لها أقراء معلومة، والأقراء هي الحيض، فأمرها أن تترك الصلاة قدر أيام أقرائها، ثم بعد ذلك تغتسل وتصلي، وتجعل الباقي استحاضة.
والسبب في هذا الحكم أن الأصل أن عادتها لم تتغير؛ لأنها قد استمرت معها طويلا، وأن هذا الدم الذي اختلط عليها دم فساد، فتبقى على حالتها الأولى، وتتوقف عن الصلاة قدر أيامها المعتادة وهي خمسة أو ستة أو سبعة، أو نحو ذلك، ثم بعد ذلك تصوم، وتصلي، وتقرأ، وتتعبد، وتعمل ما يعمله غيرها- كما سبق-.