إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.
شفاء العليل شرح منار السبيل
204217 مشاهدة
مقدمة مؤلف منار السبيل: ابن ضويان رحمه الله

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، الذي شرحَ صدرَ من شاء من عباده للفقه في الدين، ووفَّق لاتِّباع آثار السلف الصالحين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا ندَّ ولا معين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله الصادق الأمين، وخاتم الأنبياء والمرسلين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعدُ فهذا شرحٌ على كتاب: (دليل الطالب لنيل المطالب) الذي ألفه: الشيخ مرعي بن يوسف المقدسي الحنبلي تغمده الله برحمته، وأباحه بحبوحة جنته، ذكرت فيه ما حضرني من الدليل والتعليل، ليكون وافيا بالغرض من غير تطويل، وزدتُ في بعض الأبواب مسائل يحتاج إليها النبيل، وربما ذكرت رواية ثانية أو وجهًا ثانيا لقوّة الدليل، نقلته من كتاب (الكافي) لموفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي ثم الدمشقي.
ومن شرح (المقنع الكبير) لشمس الدين عبد الرحمن بن أبي عمر بن قدامة وغالب نقلي من مختصره، ومن (فروع) ابن مفلح و(قواعد) ابن رجب وغيرها من الكتب.
وقد أفرغتُ في جمعه طاقتي وجهدي، وبذلت فيه فكري وقصدي، ولم يكن في ظني أن أتعرض لذلك، لعلمي بالعجز عن الخوض في تلك المسالك، فما كان فيه من صواب فمن الله، أو خطأ فمني، وأسأله -سبحانه- العفو عني.
ولما تكففته من أبواب العلماء وتطفلت به على موائد الفقهاء تمثلت بقول بعض الفضلاء:
أسيرُ خلفَ رِكاب النُّجب ذا عرجٍ مـؤمِّلا كشـف ما لاقيتُ من عِوَج
فإن لحقتُ بهم من بعد ما سَبقوا فكم لربِّ الـورى في ذاك من فرج
وإن بقيتُ بظهــر الأرض منقطعـا فما على عـرجٍ فـي ذاك مـن حـرج

وإنما علّقته لنفسي، ولمن فَهْمُه قاصرٌ كفهمي، عسى أن يكون تذكرة في الحياة، وذخيرة بعد الممات، وسميته: (منار السبيل في شرح الدليل).
أسأل الله العظيم أن يجعله لوجهه خالصا، وإليه مقربا، وأن يغفر لي ويرحمني والمسلمين، إنه غفور رحيم.