إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
شفاء العليل شرح منار السبيل
204593 مشاهدة
دخول وقت الصلاة

قوله: [6- دخول وقت الصلاة، فلا يصح التيمم لصلاة قبل وقتها، ولا لنافلة وقت نهي] لحديث أبي أمامة مرفوعا جعلت الأرض كلها لي ولأمتي مسجدا وطهورا فأينما أدركت رجلا من أمتي الصلاة فعنده مسجده، وعنده طهوره رواه أحمد .


الشرح: الشرط السادس من شروط التيمم دخول وقت الصلاة فلا يصح التيمم قبل دخول وقت الفريضة، فإذا تيمم للمغرب مثلا قبل دخول وقتها وهو مغيب الشمس لم يصح تيممه، وهكذا لو تيمم للفجر قبل طلوع الفجر الصادق لم يصح تيممه ولزمه أن يعيده، وهذه المسألة فيها خلاف مبني على خلاف العلماء في أن التيمم هل هو رافع مؤقت للحدث، أم هو رافع مطلقا، أم مبيح وليس برافع؟
فقولهم (رافع مطلقا) أي أن التيمم كالماء يرفع الحدث، وهذا قد اختاره جماعة من العلماء، ولكن يرد عليهم بقوله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث: الصعيد الطاهر وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين فإذا وجده فليتق الله وليمسه بشرته فلو كان التراب رافعا مطلقا لما احتاج أن يمس بشرته بالماء إذا وجده، ولاكتفى بتيممه بالصعيد الطيب، فالحديث السابق يدل على أن تيممه يبطل بوجود الماء ويلزمه أن يتطهر بالماء حال وجوده، حتى وإن وجد الماء بعد تيممه بدقائق.
وقال آخرون: بل التيمم رافع مؤقت للحدث إلى أن يجد المسلم الماء، فإذا وجد الماء عاد الحدث إليه ووجب أن يتطهر بالماء، وهذا القول هو الصحيح، وهو الذي تشهد له الأدلة.
وقال آخرون: بل التيمم مبيح وليس برافع، أي يبيح لك ما تيممت له من صلاة، أو قراءة قرآن، أو غيرها من العبادات التي يلزم لها الطهارة، مع كونك لازلت متلبسة بالحدث، إلى أن تجد الماء فتتطهر به .
والحق أنه ليس بين القولين الأخيرين فرق عملي؛ لأن كلا منهما يجيز للمتيمم العبادات التي تجوز له بالوضوء إلى أن يجد الماء، ولكن الأولين قالوا بأن التيمم يرفع الحدث ولكن رفعة مؤقتا إلى أن يجد الماء، وأما الآخرون فقالوا بأن التيمم يبيح له العبادات مع بقاء الحدث.
فالحاصل أنه على القول بالاختيار الصحيح وهو أن التيمم رافع مؤقت للحدث فإنه يصح التيمم قبل دخول وقت الصلاة؛ لأن التيمم بالتراب كالوضوء بالماء في رفع الحدث وجواز العبادات إلى أن يجد الماء، فإذا وجد الماء توضأ إن كان عن حدث أصغر، أو اغتسل إن كان تيممه عن جنابة، ويشهد لهذا حديث عمران بن حصين أنه -صلى الله عليه وسلم- قال للرجل الذي أصابته جنابة فلم يصل مع الجماعة عليك بالصعيد فإنه يكفيك وهكذا حديث عمار بن ياسر - كما سيأتي-.