إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
شفاء العليل شرح منار السبيل
204104 مشاهدة
زوال العقل

قوله: [ الثالث: زوال العقل أو تغطيته بإغماء أو نوم] لقوله -صلى الله عليه وسلم- ولكن من غائط وبول ونوم وقوله: العين وكاء السه فمن نام فليتوضأ رواه أبو داود وأما الجنون، والإغماء، والسكر، ونحوه، فينقض إجماعا. قاله في الشرح .
[ما لم يكن النوم يسيرا عرفا من جالس وقائم ] لما روى أنس أن أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- كانوا ينتظرون العشاء فينامون ثم يصلون ولا يتوضؤون رواه مسلم بمعناه . وفي حديث ابن عباس
فجعلت إذا أغفيت يأخذ بشحمة أذني رواه مسلم .


الشرح: هذا هو الناقض الثالث من نواقض الوضوء، وهو زوال العقل ومنه: النوم، والإغماء، والسكر، والجنون، والغشية، وكل ما يغطي العقل.
وهل هو ناقض بحكم أصله أم أنه مظنة لذلك؟ فيه قولان .
والراجح أنه ناقض بحكم أنه مظنة النقض، والدليل عليه قوله -صلى الله عليه وسلم- العين وكاء السه، فمن نام فليتوضأ وفي رواية فإذا نامت العينان استطلق الوكاء فأفاد هذا أن النوم مظنة إحداث الإنسان وهو نائم دون أن يشعر بذلك.
فيلحق به إذا: الشكر، والإغماء، ونحوهما؛ لأنه لا يشعر بما يخرج منه.
ولهذا قالوا بأن النوم لا ينقض منه إلا الكثير، فلا ينقض نوم المتمكن، كالراكع، والساجد، والجالس المتمكن؛ لأن الصحابة كانوا يجلسون ينتظرون الصلاة ورءوسهم تخفق، فيصلون ولا يعيدون الوضوء.
ولا شك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- يعلم بذلك، فدل هذا على أن نوم المتمكن لا ينقض الوضوء.
أما إذا استغرق الإنسان في النوم فاضطجع، وطالت مدته، فإنه على الصحيح ينتقض وضوءه، ويلزمه أن يعيده.