إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك
شفاء العليل شرح منار السبيل
204230 مشاهدة
الترتيب

قوله: [والترتيب] لأن الله تعالى ذكره مرتبا، وتوضأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مرتبا وقال: هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به أي بمثله.


الشرح: الفرض الخامس من فروض الوضوء هو الترتيب ؛ لأنه سبحانه وتعالى قد ذكر الوضوء مرتبا في قوله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ فلا يجوز لأحد أن يخل بهذا الترتيب، ومما يدلي لهذا أنه تعالى قد أدخل ممسوحا- وهو الرأس- بين مغسولين- وهما اليدان والرجلان- وهذا خروج عن مقتضى البلاغة، والقرآن أبلغ ما يكون من الكلام، ولا نعلم لهذا الخروج عن قاعدة البلاغة فائدة إلا الترتيب.
ولأنه -صلى الله عليه وسلم- قد رتب وضوءه وقال: هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به .
ولأن الوضوء عبادة ذات أجزاء، فكان الترتيب فيها واجبا كالصلاة.
ولأن الذين نقلوا وضوءه -صلى الله عليه وسلم- لم ينقلوه إلا مرتبا، وفي هذا تفسير لآية الوضوء.
ولأنه -صلى الله عليه وسلم- قد قال: ابدأ بما بدأ الله به .
فإذا علم أن الترتيب فرض من فروض الوضوء، فلو بدأ الإنسان بشيء من أعضاء الوضوء قبل غسل وجهه لم يحسب له حتى يأتي به في موضعه. مثلا: لو غسل يديه إلى المرفقين ثم غسل وجهه لم يحسب له غسل اليدين، بل لا بد أن يغسلهما في موضعهما كما في الآية، أي بعد غسل الوجه، وهكذا يقال في بقية الأعضاء.