إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
شفاء العليل شرح منار السبيل
204150 مشاهدة
مسح الوجه ومسح اليدين إلى الكوعين

قوله: [ وفروضه خمسة: 1- مسح الوجه، 2- ومسح اليدين إلى الكوعين ] للآية. واليد عند الإطلاق في الشرع تتناول اليد إلى الكوع، بدليل قطع يد السارق. وفي حديث عمار إنما كان يكفيك أن تقول بيديك هكذا، ثم ضرب بيديه الأرض ضربة واحدة، ثم مسح الشمال على اليمين، وظاهر كفيه ووجهه متفق عليه .


الشرح: الفرض الأول والثاني من فروض التيمم هما مسح الوجه واليدان إلى الكوعين، ودليل ذلك قوله تعالى فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ وهذه الآية كقوله تعالى في آية الوضوء: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ فأول الآية دال على فروض الوضوء، كما أن آخرها دال على فروض التيمم، ولكن مسح اليدين في التيمم يكون إلى الكوع، وهو العظم الذي يلي الإبهام، قال المنشد:
وعظـم يلي الإبهام كوع وما يلي لخنصره الكرسوع والرسغ ما وسط
وعظـم يلي إبهـام الرجـل ملقب بوع فخذ بالعلم واحذر من الغلط

فآية التيمم كآية السرقة في تحديد اليد بالكوع؛ لأن اليد إذا أطلقت إنما يعنى بها الكف، قال تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا والقطع إنما يكون من الكف بالإجماع.
ومما يدل لهذا حديث عمار وفيه: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: إنما يكفيك أن تقول بيديك هكذا- وضرب بيديه الأرض- ومسح الكفين ولم يمسح الذراع .
وذهب بعض العلماء إلى أن التيمم يكون إلى المرفقين كما في الوضوء، لقوله -صلى الله عليه وسلم- التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين . ولكن هذا الحديث ضعيف، وهو يخالف الأحاديث الصحيحة المصرحة بأن حد التيمم هو الكوع من كل يد، قال ابن القيم - رحمه الله- (ولم يصح عنه أنه تيمم بضربتين، ولا إلى المرفقين، قال الإمام أحمد من قال: إن التيمم إلى المرفقين فإنما هو شيء زاده من عنده) .