تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
شفاء العليل شرح منار السبيل
204139 مشاهدة
ماء لا يكره استعماله ومنه ماء البحر

قوله: [وماء لا يكره استعماله كماء البحر] لما تقدم.


الشرح: ذكر المؤلف هنا النوع الرابع من أنواع الماء الطهور، وهو ما لا يكره استعماله، وأول ذلك: ماء البحر لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لمن سأله عنه هو الطهور ماؤه الحل ميتته وهو حديث تلقته الأمة يالقبول، وتداوله الفقهاء في مصنفاتهم، ورواه الأئمة في كتبهم، وقد ذهب الصحابيان الجليلان عبد الله بن عمر و عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما- إلى كراهية الوضوء بماء البحر، وقال: التيمم أعجب إلينا من التوضئ بماء البحر، وقال ابن عمرو هو نار، وقد روي عن ابن عمرو حديث مرفوع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: تحت البحر نار، وتحت النار بحر، حتى عد سبعة وسبعة ولكن هذا حديث ضعيف باتفاق المحدثين كما قال النووي فالصواب إذا جواز الوضوء بماء البحر للأدلة السابقة ولضعف ما يعارضها، وقد قال عمر -رضي الله عنه- (من لم يطهره ماء البحر فلا طهره الله) وماء البحر ماء باق على أصل خلقته، فهو كالماء العذب، وأما تعليلهم بأنه نار فنقول: إن أريد أنه نار الآن، فهذا خلاف الحس، لأننا لا نبصر إلا ماء، وإن أريد بأنه يصير نارا، فهذا لا يمنع الوضوء به حال كونه ماء، وقد علمنا أن الحديث الذي فيه أن ماء البحر نار حديث ضعيف بالاتفاق، والذي جاء في القرآن أن البحار تكون نارا يوم القيامة، كما في قوله تعالى: وَإِذَا الْبِحَارُ سُجِّرَتْ وقوله: وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ وهذا لا يمنع الطهارة منها حال كونها ماء في الدنيا- كما علم-.