اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
شفاء العليل شرح منار السبيل
204222 مشاهدة
ماء يحرم استعماله

قوله: [وهو أربعة أنواع: ماء يحرم استعماله ولا يرفع الحدث، ويزيل الخبث، وهو ما ليس مباحا] كمغصوب ونحوه، لقوله -صلى الله عليه وسلم- في خطبته يوم النحر بمنى: إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا رواه مسلم من حديث جابر .


الشرح: بيَّن المؤلف هنا أن الماء الطهور أربعة أنواع فالأول هو ما يحرم استعماله وهو ما ليس بمباح، كالماء المغصوب أو المسروق، لقوله -صلى الله عليه وسلم- إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام ... والماء قد يكون من جملة ممتلكات الإنسان فلا يجوز استعماله إلا بإذنه، سواء كان هذا الإذن قوليا أو فعليا.
فالماء المغصوب أو المسروق يحرم استعماله على الغاصب أو السارق أو من علم بذلك، ولا تصح الطهارة به على المذهب، وهذا من مفردات المذهب، كما قال في الإنصاف، وهناك رواية أخرى في المذهب بأن الطهارة تصح به مع الإثم .