إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية.
شفاء العليل شرح منار السبيل
204600 مشاهدة
الخارج من السبيلين


قوله: [باب نواقض الوضوء وهي ثمانية: أحدها: الخارج من السبيلين قليلا كان أو كثيرا، طاهرا كان أو نجسا] لقوله تعالى: أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ ولقولة -صلى الله عليه وسلم- ولكن من غائط وبول ونوم رواه أحمد، والنسائي والترمذي وصححه وقوله: فلا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا وقوله في المذي: يغسل ذكره ويتوضأ متفق عليهما وقوله للمستحاضة: توضئي لكل صلاة رواه أبو داود .


الشرح: قد علمنا فيما مضى أن الخارج من السبيلين إما أن يكون معتادا، أو غير معتاد.
فالمعتاد كالبول، أو الغائط، أو المني، أو المذي، ويزاد عليها في النساء: الحيض، والاستحاضة، فهذه كلها تعتبر مما يخرج عادة من السبيلين أو أحدهما، وهي كلها ناقضة للوضوء، والأدلة على هذا واضحة مشهورة، وقد ذكر الشارح شيئا منها.
أما الخارج غير المعتاد فهو كالدود، والحجر، ونحو ذلك، وهذا قد ألحقه العلماء بالناقض، وذلك لأنه قد خرج من محل الحدث.
وبعضهم يفضل بين ما كان يابسا ناشفا فإنه لا ينقض، وبين ما إذا كان مبتلا فإنه ينقض؛ لأن ابتلاله يكون بنجاسة بول أو غائط.
ولعل خروجه يابسا مما يتعذر، ولكن: الاختيار أنه يتوضأ له أما الريح فإنها ناقضة لحديث حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا .