إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
شفاء العليل شرح منار السبيل
204605 مشاهدة
تعدد النية في الغسل

قوله: [ومن نوى غسلا مسنونا، أو واجبة، أجزأ أحدهما عن الآخر، وإن نوى رفع الحدثين أو الحدث وأطلق، أو أمرا لا يباح إلا بوضوء وغسل، أجزأ عنهما ] قال ابن عبد البر المغتسل إذا عم بدنه، ولم يتوضأ فقد أدى ما عليه؛ لأن الله تعالى إنما افترض عليه الغسل، وهذا إجماع لا خلاف فيه، إلا أنهم أجمعوا على استحباب الوضوء قبله، تأسيا به -صلى الله عليه وسلم-.


الشرح: ذكر المؤلف هنا عدة حالات لناوي الغسل:
أولا: أن ينوي غسلا مسنونا أو واجبا فالمسنون كغسل الجمعة- كما سيأتي- والواجب كغسل الجنابة، فلو كان الإنسان جنبا فاغتسل يوم الجمعة- مثلا- وهو ينوي باغتساله غسل الجمعة فإن غسله هذا يجزئه عن غسل الجنابة، فيجزئ أحدهما عن الآخر ويرتفع حدثه بأي واحد منهما.
وهكذا العكس لو نوى يوم الجمعة أن يغتسل للجنابة أجزأ عن غسل الجمعة حيث إن القصد من شرعية الغسل يوم الجمعة النظافة وإزالة الوسخ المؤذي للمصلين، فيحصل بكل ما يسمى غسلا.
ثانيا: أن ينوي بغسله رفع الحدثين الأصغر والأكبر- كشأن كثير من الناس- فإن حدثه يرتفع بهذا الغسل؛ لأن الغسل يجزئ عن الوضوء- كما سبق- فالوضوء قبل الغسل سنة وليس بواجب؛ لأن
الغسل مجزئ عنه، فإن توضأ ثم اغتسل فهو أفضل.
ثالثا: أن ينوي رفع الحدث مطلقا أي دون تحديد، فإن حدثه يرتفع؛ لأن الغسل يجزئ عن الوضوء- كما سبق- فالغسل كاف في رفع الحدث سواء كان حدثا أصغر أم أكبر.
رابعا: أن ينوي بغسله أمرا لا يباح إلا بالوضوء أو الغسل، كالصلاة، ولو لم ينو رفع الحدث، فلو اغتسل ناويا الصلاة ارتفع حدثه الأصغر والأكبر؛ لأن من لازم نية الصلاة أن يرتفع الحدثان عنه؛ لأنها لا تصح إلا بذلك.
ولا شك أن الوضوء قبل الغسل هو المشروع، وهو فعل النبي -صلى الله عليه وسلم- ولأن هناك من أوجب الوضوء قبل الغسل أو بعده، ولأن الوضوء يجب فيه الترتيب، فالمغتسل غالبا يبدأ برأسه، ثم وجهه، ثم يديه، والمتوضئ يبدأ بوجهه، ثم يديه، ثم رأسه، لكن إذا اكتفى بالغسل استحب أن يمسح رأسه بعد غسله، وبعد غسل الوجه واليدين ليحصل الترتيب المطلوب.