عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه
كتاب الروض المربع الجزء الأول
90847 مشاهدة
ثواب المعزي

وتسن التعزية للمصاب بميت ولو صغيرا قبل الدفن وبعده لما رواه ابن ماجه بإسناد فيه ضعف عن عمرو بن حزم مرفوعا: ما من مؤمن يعزي أخاه في مصيبة إلا كساه الله من حلل الكرامة يوم القيامة .


التعزية أن تقول له: أحسن الله عزاءك؛ يعني عاقبتك أو أمرك، أو تقول: جبر الله مصيبتك، أو تقول: أخلف الله عليك, وغفر لميتك, وأخلفه بخير، أو أحسن الله عاقبتك، وتدعو للميت: غفر الله له.. أن يغفر الله له ويرحمه, ويخلفه بخير, ويحسن عاقبة ذويه, ويرزقهم الصبر والسلوان، هذه بعض الأدعية للمصاب؛ وذلك لأنه نزلت به المصيبة.
وهذا المصيبة والفاجعة لا شك أنها تؤثر فيه, فيسن أن يُعَزَّى ويحثه المعزِّي على الصبر واحتساب الأجر، وأن يخبره بثوابه على صبره، وأنه إذا عمل بما أُمِر به أثابه الله، يقول -صلى الله عليه وسلم- ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول: إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم اجبرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها إلا جبره الله وأخلف له خيرا منها وهذا بلا شك أنه دعاء مجرب ومفيد، والاسترجاع أَمَر الله به الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ يقول عمر -رضي الله عنه- نعم العدلان ونعمة العلاوة؛ العدلان: مغفرة ورحمة، والعلاوة: وهم مهتدون. أجر عظيم على هذا الصبر وهذا الاسترجاع، وفي التعزية على الحديث أجر المعزي أنه في بعض الروايات: من عزى مصابا فله مثل أجره وفيه على الحديث الذي فيه الأجر الأخروي. نعم.