من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
كتاب الروض المربع الجزء الأول
90881 مشاهدة
مشروعية زيارة القبور

بسم الله الرحمن الرحيم. قال الشارح -رحمه الله تعالى- فصل تسن زيارة القبور وحكاه النووي إجماعا؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها رواه مسلم والترمذي وزاد: فإنها تذكر الآخرة .


الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- قد نهى عن زيارة القبور في أول الأمر ؛ ذلك مخافة الغلو في القبور والأموات ودعائهم, أو مخافة الصياح والنياحة على الأموات، ثم بعد أن علمهم الأحكام وعرفوا ما يجوز وما لا يجوز، أَذِنَ لهم بعد ذلك, رخَّص لهم في زيارة القبور.
ورد في ذلك أحاديث تدل على مشروعيتها، وأصبح ذلك مجمعا عليه بين المسلمين؛ وذلك لكثرة الأدلة التي تنص على إباحة زيارة القبور؛ العلة أو المصلحة أحد أمرين، الأول: تذكر الآخرة، والثاني: الدعاء للأموات؛ ورد الأول منصوصا عليه في قوله: فإنها تذكر بالآخرة يعني: وتُزَهِّد في الدنيا، وذلك لأن الذي يزورهم يتذكر أنهم كانوا بشرا مثله، وأنهم كانوا معه, وأنهم كانوا ينافسونه ويسابقونه في الأعمال، وأنهم -كانوا على مثل ما هو عليه, لهم أملاك, ولهم أموال, ولهم أعمال, ولهم قصور, ولهم دور, ولهم أولاد، ثم انقضت آجالهم، وطُوِيَتْ أعمارهم، ورحلوا من الدنيا, وسكنوا تلك القبور ينتظرون البعث والنشور، ولذلك كان الكثير من العلماء إذا زاروهم يتذكرون ما كانوا فيه، ويذكرون الأحياء بحالهم، فكان بعضهم كما رُوِي عن أبي العتاهية يقول:
ألا يـا عسكـر الأحيــاء
هـذا عسكـر المـــوتى
أجابـوا الدعـوة الصغـرى
وهـم منتظـرو الكــبرى
يحثــون عـلى الــزاد
ومـا زادٌ سـوى التقـوى!
يقـولـون لكـم: جِــدُّوا
فهــذا آخــر الدنيـــا
فزيارتهم تذكر الآخرة.
وأما الفائدة الثانية: فهي الدعاء للأموات؛ الدعاء للأموات مأمور به مطلقا، ومعلوم إذا زارهم وتذكر أن هذا فلان وهذا فلان أو هذه مقبرة فلان وفلان دعا لهم؛ إما دعاء عاما وإما دعاء خاصا إلى فلان وفلان, فيكون بذلك محسنا إليهم، هذا هو الحكمة في زيارة القبور يُشترط ألَّا يرحل إليها, لا يشد الرحيل؛ يعني: لا يركب بعيرا أو سيارة يقطع فيها مسافة لقوله في الحديث: لا تُشَدُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد فمعناه: أنها لا تشد إلى بقعة, ولا إلى قبر, ولا إلى شجر, أو غار, أو حجر, أو نحو ذلك للتبرك به أو نحوه؛ وذلك أن الحكمة تحصل بغير شَدِّ رحل، فإن كل بلدة فيها مقابر إلى جانبهم, وتلك المقابر يحصل بها المقصد وهو تذكر الآخرة.
لكـل أنـاس مقـبر بفنائهم
فهم ينقصـون والقبـور تزيـدُ!
نعم.