إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
كتاب الروض المربع الجزء الأول
90863 مشاهدة
ما يستثنى من مضي الحول

إلا نتاج السائمة وربح التجارة ولو لم يبلغ النتاج أو الربح نصابا حول أصليهما فيجب ضمها إلى ما عنده إن كان نصابا؛ لقول عمر اعتد عليهم بالسخلة ولا تأخذها منهم رواه مالك ولقول علي عد عليهم الصغار والكبار. فلو ماتت واحدة من الأمهات فنتجت سخلة انقطع بخلاف ما لو نتجت ثم ماتت.


عرفنا أنه لا بد من النصاب, ولا بد أن يتم الحول في كل مال يتجدد؛ فالمال المتجدد لا بد له من الحول. فمثلا: عندنا مَن له دخل- راتب مثلا- هذا الراتب يُزكيه كلما حال عليه الحول، فراتب شهر محرم الذي يوفره يزكيه في محرم الثاني، وتوفير شهر صفر يزكيه في شهر صفر الثاني وهكذا.
كذلك مثلا: لو مات له قريب، لو كان مثلا عنده عشرون ألفا, ابتدأ حولها من محرم, وفي شهر رجب ماتَ له قريبٌ, وورث منه عشرين ألفا أخرى. هذه العشرون التي من قريبه يزكيها في رجب الآتي؛ لأنها دخلت ملكه في رجب, والعشرون التي قبلها يزكيها في محرم.
وكذلك العطايا والهبات ونحوها يزكيها إذا حال عليها الحول. استثنوا من ذلك ما سمعنا: نتاج السائمة؛ فلو مثلا كان عنده أربعون من الغنم ابتدأ في أول السنة -في شهر محرم- وهي أربعون؛ في واحد واحد، ثم في شهر خمسة ولدت الأربعون أربعين سخلة، ثم في شهر أحد عشر ولدت أيضا, يعني بعض الغنم قد تلد في السنة مرتين, وقد تلد في البطن اثنين, تلد سخلتين في البطن الواحد، فالحاصل أنه عندما تمت السنة فإذا الأربعون هي وأولادها مائة وإحدى عشرون, ففيها شاتان؛ ولو كان أكثرها سخال لهذا الحديث أو لهذا الأثر: اعتد عليهم بالسخلة ولا تأخذها منهم. يقول: تحسب عليهم السخلة التي يحملها الراعي ولا يؤخذ منهم إلا شاة كاملة، والأثر الثاني يقول علي عد عليهم الصغار والكبار؛ وذلك لأن هذه السخال معدة للكبر للنماء لا بد أنها تتنامى وتنضم إلى أمهاتها.
مثال يقول: إذا كان عنده أربعون من الغنم ثم في شهر رجب ذبح واحدة وبعدما ذبحها بساعتين ولدت واحدة نقول: انقطع الحول؛ وذلك لأنه بقي ساعةً وليس له إلا تسع وثلاثون, وهي أقل من النصاب، ولما ولدت واحدة امتد الحول من ولادتها. أما لو مثلا كان عنده أربعون وفي شهر جمادى ولدتْ واحدةٌ في واحد خمسة. في اثنين خمسة ذبح واحدة, ما بقي عنده إلا أربعون. النصاب ما نقص, إذا كانت الولادة قبل الموت فالنصاب باقٍ, وإذا كانت الولادة بعد الموت ولو بساعة فالنصاب انقطع. نعم.