اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
كتاب الروض المربع الجزء الأول
90822 مشاهدة
الركاز يستثنى من بلوغ النصاب

فإن نقص عنه فلا زكاة إلا الركاز.


يستثنى من ذلك الركاز؛ الركاز يأتينا أنه ما وجد من دفن الجاهلية؛ المال المدفون الذي عليه علامة الكفار, وُجد مدفونا؛ فإنه يُخرج منه الْخُمُس، ويعتبر كأنه غنيمة, يخرج منه الخمس ولو كان قليلا، لا يشترط له النصاب كما لا يُشترط في الغنيمة النصاب. إذا غنموا من الكافرين شيئا فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى يخرج منه الخمس.
أما غير الركاز فلا بد أن يبلغ نصابا ولا فرق فيمن يملكه بين أن يكون مُكَلَّفا أو غير مكلف؛ فمال الصبي فيه زكاة، ومال اليتيم فيه زكاة؛ لأن الزكاة تتعلق بالمال, ليست تتعلق بالمالك، ولأن الفقراء ينظرون إلى هذا المال، ويقولون: لنا حق في هذا المال، ولا ينظرون إلى مالكه، لا يهمهم مَنْ يملكه من صغير, أو كبير, أو يتيم, أو غيره ما دام أن هنا مالا فإنهم يتطلعون إلى حقهم فيه؛ فلذلك تجب الزكاة في أموال الأيتام والصبيان ونحوهم، هذا هو القول الصحيح.
هناك قول لبعض الحنفية يقولون: لا زكاة في مال اليتيم, ويقولون: إن الزكاة عبادة, ويقولون: لا زكاة في أموال الصبيان لأن العبادة لا تجب عليهم كما لم تجب الصلاة لا تجب الزكاة، والصحيح أنها تجب وقد كان علي -رضي الله عنه- يُخرج الزكاة من أموال بني جعفر أولاد جعفر أخيه يخرج الزكاة من أموالهم وهم أيتام، وعائشة تتولى أموال أخيها -أموال أيتام أخيها- محمد بن أبي بكر وتخرج الزكاة منه وغير ذلك؛ فدل على أنها تُخْرَج من أموال الأيتام والصغار ونحوهم. نعم.
.. من الكفار .. من أموال الكفار الذين إذا غنمنا أموالهم حلَّتْ لنا .. لا، لا بد أن يكونوا ممن تَحِل لنا غنائم أموالهم هذه هي علامة الكفار. .. الأموال الموقوفة؟ ولا زكاة في الوقف ؛ لأن مصرفه كله يصرف في الخير ووجوه الخير. نعم.