إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) logo الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
كتاب الروض المربع الجزء الأول
156245 مشاهدة print word pdf
line-top
توسعة القبر وتعميقه

ويسن أن يوسع ويعمق قبر بلا حد ويكفي ما يمنع من السباع والرائحة. ومن مات في سفينة ولم يمكن دفنه ألقي في البحر سلًّا كإدخاله القبر, بعد غسله وتكفينه والصلاة عليه, وتثقيله بشيء.


يقول: الميت معلوم أنه لا بد من دفنه، وأنه هكذا هذه نهايته، فيدخل في قبره ويوضع على شقه الأيمن وينصب عليه اللبن كما عرفنا، أيش أول الكلام؟

(ويسن أن يوسع عليه).

أما الواجب فهو كونه مثلا يكون بقدره, ولا يُزاد في توسعته، يُوسَّع في قبره بحيث يكون واسعا عليه، فلا يكون قصيرا, ولا يكون -مثلا- ضيقا بحيث يضغط فيه ضغط، بل يوسع عليه بقدر، أما التوسعة الزائدة فلا حاجة إليها؛ وذلك لأنه إنما هو لأجل مواراته؛ بحيث إنه مع هذه التوسعة, وهذا التعميق, وهذا الدفن يحفظه من السباع حتى لا تحفره, ويحفظه من أن تخرج رائحته؛ يعني: إلى ظاهر الأرض، إذا عُمِّق لم يخرج له رائحة، بل يبقى إلى أن يكون ترابا.
وأما إذا مات وهو بالبحر -في سفينة- فذكروا أنه يُثَقَّل.. يُجعل.. يربط فيه مثلا حجر؛ لأجل أن يرسب به في جوف البحر؛ أحيانا مثلا إذا ركبوا سفينة قد يموت معهم ميت, وليس معهم حنوط يُحَنَّط به, أو ثلاجة يُثَلَّج فيها، والسفينة قد تبقى في البحر شهرا ما تقطع المسافة؛ لأن السفينة سيرها إنما هو بالريح, تدفعها الريح, ليست كالسفن الجديدة التي تندفع بالآلات، فبقاؤهم مثلا شهر أو ربما نصف سنة وهم في البحر ما يقطعونه، هذه المسافة هذه المدة, لا بد إذا مات فيهم ميت أنه يتغير، ولا يجدون أرضا يدفن فيها فليس لهم إلا أن يجهزوه؛ بمعني أنهم يغسلونه ويكفنونه ثم يلقونه في البحر إلقاء بعدما يربطون فيه حجرا أو نحوه ثقيلا حتى لا يطفو، بل يرسب في قعر الماء تأكله دواب البحر أو نحوها.
قوله:سَلًّا يعني: يلقى في البحر إلقاء هذا معنى السَّلِّ؛ كأنه يلقى على قدميه أو على رأسه أو على أحد جنبيه؛ يُسَلُّ سلًّا.

line-bottom