القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
182132 مشاهدة
إذا شرط شرطين في البيع

وإن جمع بين شرطين من غير النوعين الأولين كحمل حطب وتكسيره وخياطة ثوب وتفصيله، بطل البيع لما روى أبو داود والترمذي عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع ولا بيع ما ليس عندك قال الترمذي: حديث حسن صحيح.


.. من هذا الحديث قوله: ولا شرطان في بيع قد كثر الكلام حوله.
لو مثلا أخذه على ظاهره وقال: لا يجوز أية شرطين حتى لو كان صفتين، أن يقول مثلا اشتريت منك العبد بشرط أن يكون مسلما وكاتبا، فإن هذين شرطين، والصحيح أنهما ليسا شرطين ولكنهما صفتان في المبيع.
وأدخلوا فيه أيضا شرط مقتضى العقد إذا قال مثلا: بشرط أن تملكني المبيع وأملكك الثمن، فجعلوا هذا أيضا شرطين في بيع، فأبطلوا البيع في ذلك. وبعضهم استثنى كما سمعنا النوعين الأولين:
النوع الأول: الذي هو شرط مقتضى العقد، والنوع الثاني: الذي هو شرط صفة في المبيع ككون الأمة بكرا والدابة هملاجة والفهد صيودا والعبد كاتبا. فيقول: لا حاجة إليه، لا يضر اشتراط هذه الشروط لا شرط مقتضى العقد؛ لأن هذه من مصلحة المتعاقدين ومن مصلحة المشتري وصفة في المبيع ونحوه. وخصوا الضرب الثاني وهو أن يشترط المشتري على البائع والبائع على المشتري هذه الشروط؛ كأن يشترط مثلا أن يحمل على السيارة وأن يصلحها، مكني من أن أحمل عليها وأنت الذي تصلحها أو يكون وقودها عليك، أركب على البعير وعلفه عليك هذان شرطان. فيقولون: لا تصح.
أو مثلا اشتريت منك الحطب بشرطين أن تحمله وتكسره، اشتريت منك القماش بشرطين أن تفصله وتخيطه، فيجعلون هذين الشرطين تبطل العقد.
فإذا نظرنا في هذه الأشياء، إذا كلها في مصلحة العقد وليس فيها محظور، فلأجل ذلك ذهب بعضهم إلى جواز الشروط كلها، استدلوا بعموم قوله صلى الله عليه وسلم: المسلمون على شروطهم إلا شرطا أحل حراما أو حرم حلالا وما روي عن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: مقاطع الحقوق عند الشروط، وما روي عن شُريح وهو قوله: الشرط أوثق.
فهذه شروط من مصلحة العقد؛ حمل الحطب وتكسيره،خياطة الثوب وتفصيله، والحمل على البعير إلى موضع معين وإصلاح السيارة مثلا ووقودها والحمل عليها وأشباه ذلك. لا محظور في ذلك. توقف هذا الحديث مشكل، وهو شرطان في بيع. كيف نحمله؟ حمله بعض المحققين كابن القيم على أن يشرط عليه أن يبيعه بثمن المؤجل، ثم يشرط عليه أن يشتريه منه بثمن النقد. أي: كمسألة العينة شرطان في بيع يعني: بعتك مثلا السيارة، وشرطت عليك أجلا مدة سنة بستين ألفا بشرط أن أشتريها منك نقدا بخمسين ألفا، فهذا شرط من قبل البائع، وشرط من قبل المشتري؛ فلذلك يقال: إن هذا لا مانع منه. لكن إذا نظرنا في شرط العينة وإذا هو ينطبق على أنه شرطان في بيع وهو بيع محظور. فمن ذلك نحمل الشرطين في الحديث على مسألة العينة، والذين حملوه على ظاهره، توقفوا في كثير من المسائل أو ردوها؛ كثير من المبايعات بظاهر الحديث.
والصحيح أن المسلمين على شروطهم، وأن الشروط إذا كان فيها مصلحة فلا محظور فيها، ولو تعددت ولو زادت على شرطين أو ثلاثة أو أربعة، فلا محظور في ذلك إن شاء الله.
..هذا الأقرب. نعم.