لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
181833 مشاهدة
لا بد أن يكون رأس مال السلم معلوما قدره ووصفه كالمسلم فيه

ويشترط أن يكون رأس مال السلم معلوما قدره ووصفه كالمسلم فيه، فلا يصح بِصُبرة لا يعلمان قدرها ولا بجوهر ونحوه مما لا ينضبط بالصفة ويكون القبض قبل التفرق من المجلس.


يقول: لا بد أن يكون الثمن معلوما معلوما قدره؛ كأن يكون مائة أو مائتين، ومعلوم وصفه؛ كأن يكون دراهم أو دنانير يعني العملة التي يُتعامل بها، (معلوما قدره) أي: مقداره بالحساب، ومعلوما وصفه أي: ما يتميز به من بقية الأثمان .
الأصل أن الأثمان هي التي تكون رؤوس الأموال، فرأس مال السلم الأصل أن يكون من النقود، والنقود المعروفة في العهد النبوي: الدراهم من الفضة، والدنانير من الذهب، وفي عهدنا هذا الدراهم من الفضة وتسمى ريالات، ومن الذهب وتسمى جنيهات، فإذا كان معلوما قدره كأن يقول مائة ريال أو ألف، ومعلوما وصفه أنه من الريالات السعودية مثلا أو القطرية أو اليمنية، ويكون ما قام مقام الريال يلتحق به، وهو الأوراق النقدية، فإن لها حكم الريالات، فلا بد إذا كان الثمن من الأوراق النقدية أن يُقبض كله في مجلس العقد، يُعلم وصفه ويتفقان عليه، ويُعلم قدره ثم يحضره المشتري ويسلم ثمنه، يسلم ثمنه في مجلس العقد، ولا يتفرقان إلا بعد التقابض، وذلك حتى لا يكون بيع دين بدين؛ لأنه ورد النهي عن بيع الكالئ بالكالئ، وتقدم في باب الربا قوله: ولا يصح بيع الدين بالدين فكذلك هنا، وذلك لأن السلم، المسلم فيه لا بد أن يكون دينا، يباع رخيصا بثمن الحاضر، فلا بد أن يكون الثمن حاضرا حتى لا يكون دينا بدين. نعم.