تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
182149 مشاهدة
بيع الحصاة

وكذا بيع الحصاة ترمها فعلى أي ثوب وقعت فلك بكذا ونحوه.


بيع الحصاة أيضا بيع جاهلي يأخذ حصاة حجرة صغيرة ثم يقول: ارم بها فأي ثوب تصيبه أو أي شاة تصيبها أو أي كيس تصيبه مثلا فهو لك بكذا، وهذا أيضا جهل؛ وذلك لأنها قد تصيب ما هو غال وقد تصيب ما هو رخيص؛ فيقع الغبن من أحدهما.
وقيل أو يدخل في بيع الحصاة إذا قال مثلا الذي يبيع الأرض عند قطعة أرض يبيعها بالأمتار أو يبيعها بالمسافات قال مثلا: خذ حصاة وارم بها وانظر ماذا تبلغ؟ فإن بلغت مثلا مائة متر فهو لك، وإن بلغت عشرة أمتار فهو لك مثلا بكذا، لا شك أن هذا أيضا جهالة، فقد يكون قوي الزند فيرمي بها بقوة وتبلغ مثلا مائة متر أو نحوه، وقد يكون ضعيف البنية فإذا رمى بها لا تبلغ إلا عشرة أمتار أو نحوه؛ فيقع الغبن، أو يقع الجهالة. نعم.