عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
181804 مشاهدة
طَلَبُ الدَّيْن سلما أو أمانة أو عينا مغصوبة أو عارية

ولو جعل دينا سلما لم يصح وأمانة أو عينا مغصوبة أو عارية يصح؛ لأنه في معنى القبض.


صورة ذلك: إذا قال: عندك لي مائة وخمسون ريالا، وأنت الآن تزرع، مائة وخمسون ريالا اللي في ذمتك أشتري بها مائة صاع من زرعك بعدما تزرع، فيكون رأس المال دينا في ذمة المشتري، دينا في ذمة المدين، والآصع دين أيضا، فيكون هذا بيع دين بدين.
معلوم مثلا أن السلم غائب؛ وذلك لأنه ثمن لشيء غائب .. زرع؛ إنما يريد أن يزرع، وإذا زرع وحصد أعطاك مثلًا مائتين، وعنده لك دين أربعمائة، فعند ذاك يقول مثلا: الدين الذي في ذمتك أربعمائة أشتري به من زرعك إذا حصدت مائتي صاع، فهل يجوز هذا؟ أو لا يجوز؟ لا يجوز؛ لأن هذا بيع دين بدين، الدين غائب والآصع غائبة؛ فلذلك لا بد أن يكون أحد العوضين حاضرا.
أما لو قال: عندك لي أمانة في صندوقك، الذي في صندوقك أمانتي التي هي مثلا: مائة أو ألف أشتري بها في ذمتك مثلا: مائة صاع أو مائتان، الأمانة التي في صندوقك لي أجعلها رأس مال سلم، يجوز ذلك؛ وذلك لأنها مقبوضة، كأنها مقبوضة ولو لم تكن في مجلس العقد يعني: أن البائع الذي هو المسلم إليه كأنه يقبضها الآن، عنده أمانة لك فقلت: أمانتي التي عندك سأجعلها رأس مال لسلم في بر مثلًا أو في رز أو في زبيب مثلا فيقول: قبلت، هذا مثال الأمانة.
وكذلك مثال المغصوب، فيقول مثلا: أنت غصبتني مائة ريال، يقول: نعم مائة ريال غصبتك، وهي موجودة معي في صندوقي الآن أو في جيبي، فيقول: مائة الريال التي في ذمتك أو التي عندك أمانة لي مغصوبة أشتري بها منك خمسين صاعا دينا سلما، عند الحصاد تسلمها لي، يجوز ذلك؛ لأنها في معنى المقبوض؛ لأنه ما دام أنه اعترف بها فكأنه أقر لك بأن تعطيه، يعني أو تسمح له بهذه المغصوبة؛ حتى تكون له حلالا، ثم بعد ذلك بعدما يحل الأجل يعطيك ما اشتريت منه دينا دين سلم.
أسئـلة
أو عارية.
العارية يمكن أن تكون رأس مال سلم وممكن أن لا تكون؛ لأن الأصل -غالبا- أن رأس مال السلم يكون من النقود، ومعلوم أن النقود لا تعار؛ لأن العارية ينتفع بها مع بقاء عينها ثم يردها؛ ولكن قد يجوز جعل العارية رأس مال سلم إذا لم تكن من النقود -يعني- مثلا استعار منك ثيابا يلبسها أو أحذية أو كتبا يقرأ فيها ثم طالبته بعاريتك فقال: العارية عندي؛ ولكن قدر ثمنها، وخذ مني سلما من بر أو من رز أو نحو ذلك عوضها، واجعلها رأس مال سلم، فتقول: هذه العارية التي هي الثوب أو الحذاء أو القِدر أو الكتاب أو الصحن قيمتها عشرة، أشتري بها منك سلما مثلا خمسة أصوع من بر عند الحصاد، فيكون قد جعل العارية بعدما قدر ثمنها جعلها رأس مال سلم، ويمكن أن يكون رأس مال السلم عرضا، كأن يقول: الثوب الذي استعرته مني بعني فيه من زرعك، فيقول: بعتك من زرعي بالثوب الذي استعرته منك خمسة آصع أو عشرة، فيكون كأنه جعل الثياب ونحوها رأس مال سلم، والثياب يجوز أخذ العوض عليها، استعار منك ثيابا يلبسها يتجمل بها، وكأنه ليس ما .. يجعلها أو يستعملها، فاتفقتم أن هذا الثوب قيمته مثلا ثلاثون، وهو موجود عندك أو عليك، فأشتري بثمنه في ذمتك عند الحصاد أو عند الجذاذ مائة صاع أو خمسين أو عشرة، هذا صفة العارية. نعم.
س: يا شيخ: هل هذه أليست عينًا مقصودة؟ .. قصدنا مائة وخمسين ريالا وجعلها رأس ماله مثلا هذه عين مقصودة أم دين؟
هي تعتبر كأنها موجودة عنده قال مثلا: وصلك ثلاثمائة ريال هي الآن معي إما في جيبي وإما في متجري، فهي موجودة، الثمن المقابل قد استهلكه ولم يعد عنده، فلا يصح جعل هذا ثمنًا، أما إذا كانت موجودة عنده، يقول الآن هو موجود، ما بقي إلا أن أسلمه لك، فإنه يعتبر يجوز جعله رأس مال سلم.
س: عين مقصودة أو عارية يصح .. أليست هي عين يعني من باب العون؟
الدين مستهلك، .. أما إذا كان قد استهلكه أكله أنفقه بنى به بيتا أو ما أشبه ذلك، فلا يصح جعلها رأس مال سلم؛ لأنه ما يقبله، أما إذا جمع الدين فجعلها في صندوقه موجود يصح جعلها رأس مال سلم، وكذلك الأمانة، وكذلك العارية معروفة، وكذلك المغصوب إذا عينه ورده وقال: عينك المغصوبة موجودة عندي نعم.
س: إذا علم بأن المال هذا الثمن مغصوب من شخص آخر يجوز أن يستلمه ...؟
لا يجوز .. المغصوب لا يمكن تجعلها رأس مال، لكن مثلا غصبت منه مائة ريال قال نعم موجودة عندي قلت مثلًا: مائة ريال أشتريها منك من زرعك عشرين أو خمسين صاعا سلم هذا لا يصح إذا غصب من غيرك مثلا ثوبا أو قدرا فلا يجوز لك أن تستحله ولا تأخذ عوضه.
س: مسألة .. قال المحشي: وهذه مسألة ..؟
يعني كأنه يقول: أسقطت الذي في ذمتك وجعلته رأس مال سلم، وأما إذا قال: أسقطت المغصوب فلا بأس.