تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)
كتاب الروض المربع الجزء الثالث
182167 مشاهدة
بيع جلد الميتة

وبخلاف جلد ميتة ولو مدبوغا؛ لأنه إنما يباح لذلك.


تقدم في أول الكتاب أن جلد الميت أنه يباح الانتفاع به في اليابسات إذا دبغ على أحد الأقوال، وهو القول الذي فيه احتياط وتشدد لا ينتفع به بعد الدبغ إلا في اليابس إذا جعل مثلا جرابا، أو جعل مثلا فراشا فلا ينتفع به إلا في اليابسات، فلا يجعل مثلا فيه التمر الذي فيه دبس؛ لأنه يتلوث به ويترطب، ولا يجعل فيه الماء ولا اللبن إنما يجعل فيه اليابسات كالتمر اليابس والبر مثلا والدقيق يعني ينتفع به في اليابسات. هذا على أحد الأقوال.
والقول الثاني: الذي فيه أنه يطهر بالدباغ يجوز الانتفاع به في كل شيء في اليابس والرطب. هذا هو القول الراجح؛ لأن الأحاديث التي فيها عدم الانتفاع به فيها ضعف، والأحاديث الثابتة التي فيها أنه يجوز أن ينتفع به وأنه يطهره الدباغ وأن دباغه زكاته أصح وأشهر؛ فإذا دبغ جلد الميتة جاز بيعه كما يجوز استعماله قربة مثلا أو سقاء لبن أو ظرف سمن أو نحو ذلك. نعم.