(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
213517 مشاهدة
نكاح الشغار

والشغار. ورخص النبي -صلى الله عليه وسلم- في المتعة أولا ثم حرمها . ولعن المحلل والمحلل له نهى عن نكاح الشغار وهو: أن يزوجه موليته على أن يزوجه الآخر موليته ، ولا مهر بينهما، وكلها أحاديث صحيحة.


قوله: (والشغار):
ثالث: نكاح الشغار وفسر الشغار في الحديث أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته، ولا صداق بينهما؛ بل بضع هذه مهر لبضع هذه، هكذا فسر.
وفي بعض الروايات أن يقول: زوجني ابنتك على أن أزوجك ابنتي، أو

زوجني أختك على أن أزوجك أختي، أو زوج ابني على أن أزوج ابنك، يعني:
بشرط، فهذا حرام ولو دفعوا الصداق؛ لأنه قد تكون إحدى المرأتين غير راضية؛ بل مكرهة. فهذا هو نكاح الشغار.
قوله: (ورخص النبي -صلى الله عليه وسلم- في المتعة أولا ثم حرمها... إلخ):
ثم ذكر -رحمه الله- الأدلة على تحريم هذه الأنكحة: فقال: ورخص النبي -صلى الله عليه وسلم- في المتعة أولا ثم حرمها، يعني: في غزوة الفتح، هذا هو الصحيح وهو دليل على أنه ما حرمها إلا مرة واحدة، وما أحلها إلا مرة واحدة.
ثم قال: ولعن المحلل والمحلل له وقد تكلمنا عن ذلك.
ثم قال: نهى عن نكاح الشغار وهو: أن يزوجه موليته على أن يزوجه الآخر موليته ولا مهر بينهما، وهذا الحديث دليل صريح على تحريم نكاح الشغار، ثم عرف نكاح الشغار فقال: هو أن يزوجه موليته على أن يزوجه الآخر موليته، ولا مهر بينهما.
وأكثرهم يقول: إنه سمي شغارًا لأنه لا مهر فيه؛ بل جعلت هذه مهرًا لتلك، هذا هو الأشهر، وهو الذي اختاره ابن سعدي في قوله: ولا مهر بينهما، أخذًا مما روي في الحديث.

والحديث مروي عن ابن عمر، وتفسير الشغار بأن يقول: زوجني ابنتك على أن أزوجك ابنتي ولا مهر بينهما، قيل: إن تفسيره من ابن عمر، يعني: ليس مرفوعًا، وقيل: إن تفسيره من قبل نافع مولى ابن عمر.
ولكن إذا أخذنا كلمة الشغار على أنه مشتق من الشغور الذي هو الخلو، قالوا: هذا المكان شاغر، أي: خالي، يقال: شغر الكلب رجله، أي: رفعها وأخلى مكانها؛ فسمي الشغار لأنه يخلو من الرضى أو يخلو من المهر. هذا هو الأقرب.
ولكن العلماء يقولون: إذا تراضت المرأتان وأعطيت كل واحدة منهما مهرها كاملاً، ولم يكن هناك اشتراط ولا إكراه؛ فإن ذلك جائز، أما إذا كان هناك اشتراط؛ لا أزوجك حتى تزوجني، وإكراه، وعدم إعطائها مهر مثلها؛ فإنه محرم.
ثم قال: (وكلها أحاديث صحيحة)، أي: أن هذه الأحاديث أدلة صحيحة
على تحريم المتعة ونكاح الشغار ونكاح التحليل، ولا مطعن فيها.