تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر.    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
213504 مشاهدة
الإقالة

وقال صلى الله عليه وسلم: من أقال مسلما بيعته أقاله الله عثرته رواه أبو داود وابن ماجه .


الإقالة:
قوله: (وقال صلى الله عليه وسلم: من أقال مسلما بيعته أقاله الله عثرته ):
وفي رواية: من أقال نادما بيعته .
وصورة الإقالة أن يشتري إنسان منك كتابا- مثلا لخمسين ريالا، ثم ذهب به إلى بيته فتفاجأ بوجود هذا الكتاب عنده، وأنه ليس له حاجة به، بل بحاجة إلى الخمسين، فجاء إليك وقال: اقبل كتابك أنا ندمت، فأقلني في بيعتي، فإذا أقلته فإنك على أجر عظيم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: من أقال نادما بيعته أقال الله عثرته ولك أن تقول: البيع صحيح، فقد بعتك كما أبيع غيرك، واستلمت الثمن، وقد تصرفت في الثمن، ولا أريد أن أرد عليك ثمنك، ولا أقبل كتابك، فالكتاب لك، ولكن الأفضل أن تقيل ذلك المشتري وترد عليه ماله.
وقد يندم البائع، وصورة ذلك: أن يبيع رجل- مثلا- سيارته بأربعين ألف ريال، ثم بعد ذلك فكر وندم على بيعه وأحس بحاجته إلى السيارة، وأنه لا يستغني عنها، ولا يجد مثلها، فجاء إلى المشتري وقال: أنا ندمت، فرد علي سيارتي، وخذ دراهمك، فيحق للمشتري أن يقول: إن البيع قد لزم وأنا أرغب في هذه السيارة، ولا أريد أن ترد علي دراهمي، ولكن الأفضل أن يقيل المشتري البائع عثرته في بيعه، وأن يرد عليه سيارته ويأخذ دراهمه.