إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
213405 مشاهدة
مصارف الوقف

ويرجع في مصارف الوقف وشروطه إلى شرط الواقف حيث وافق الشرع.


قوله: (ويرجع في مصارف الوقف وشروطه إلى شرط الواقف حيث وافق الشرع):
مصارف الوقف على حسب كلام الواقفة، فإذا قال: يصرف في عمارة المساجد، لم يجز أن يصرف في المقابر، بل يختص بالمساجد، وإذا قال: يصرف للمجاهدين، وقف عليهم ولم يجز أن يصرف للفقراء، وإذا قال: يصرف في فقراء الأقارب، لم يجاوزهم؛ بل يختص بهم، وإذا قال: يصرف على طلبة العلم اختص به طلبة العلم، وإذا قال: يصرف في الكتب اختص بها، فالحاصل أنه يرجع في مصاريف الوقف إلى شرط الواقف إذا وافق الشرع.
أما إذا شرط شرطا لا يوافق الشرع فلا يجوز، وقد ذكرنا مثلا أنه إذا قال: يصرف على الأغاني، أو على الملاهي، أو على قطاع الطريق، أو على قتال المسلمين، أو على كتب الإلحاد والزندقة، فلا يجوز.