شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
213411 مشاهدة
موانع الشهادة


ومن موانع الشهادة مظنة التهمة، كشهادة الوالدين لأولادهم، وبالعكس، وأحد الزوجين للآخر، والعدو على عدوه؛ كما في الحديث: لا يجوز شهادة خائن ولا خائنة، ولا ذي غَمَر على أخيه، ولا تجوز شهادة القانع لأهل البيت رواه أحمد وأبو داود .
وفي الحديث: من حلف على يمين يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها فاجر: لقي الله وهو عليه غضبان متفق عليه .


قوله: (ومن موانع الشهادة: مظنة التهمة، كشهادة الوالدين لأولادهم،
وبالعكس، وأحد الزوجين للآخر):
لا تقبل شهادة بعضهم لبعض؛ لأنه قد يتساهل أحدهما لشدة القرابة فيشهد له وما ذاك إلا أن كل واحد منهما يتمنى إيصال الخير للآخر فشهادة الولد أو الوالد مظنة تهمة.
أما الأخ فتقبل شهادته إذا كان من أهل الورع، وإن كان بعضهم يرد شهادة الأخ لأخيه إذا عرف منه محاباة وعصبية ونحو ذلك، وكذلك الزوج لا يشهد لزوجته ولا تشهد له؛ وذلك لأنه قد يتسامح معها ويتساهل فيشهد لها؛ لأن الذي لها له وكذلك هي معه.
قوله: (والعدو على عدوه):
كذلك العدو إذا شهد على عدوه أو شهد الخصم على خصمه، فقد يقال: إنه شهد عليه ليضره، فيقول المشهود عليه: لا أقبل شهادته لأنه عدوي. فلا تقبل شهادة العدو على عدوه.
قوله: (كما في الحديث: لا يجوز شهادة خائن ولا خائنة إلخ):
إذا اتهم شخص بالخيانة فإن الخيانة قادح، خيانة الأمانة مثلاً أو خيانة الشهادة أو ما أشبه ذلك، فالإنسان مأمور بأن يؤدي الحقوق قال تعالى: فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ البقرة: 283 فإذا لم يؤد الأمانة فهو خائن، فإذا عرفت خيانته كان ذلك قادحًا في شهادته، ولأن الخيانة من خصال النفاق؛ لقوله

في الحديث: وإذا اؤتمن خان .
وقوله: (ولا ذي غَمَر على أخيه): الغمر: العداوة، يعني: إذا عرف في قلبه بغض لهذا الإنسان يحب ضرره وإيصال الشر إليه ويحب أن يحبس وأن ينكل به؛ لأنه عدو له في قلبه ضغينة عليه، فلا تقبل شهادته عليه لأنه يطعن فيه ويقول: هذا عدوي، فكيف يشهد علي؟!
وقوله: (ولا تجوز شهادة القانع لأهل البيت): القانع لهم هو المحامي لهم كالخادم الذي يخدم أهل البيت، فهذا في الغالب أنه يشهد لهم؛ لأنه يحب إيصال الخير إليهم، فلا تقبل شهادته لهم؛ لأنه يعد كواحد من أفرادهم، يعني:
كأنه ولد من أولادهم يخدمهم ويقود بهم ويعطونه ويواسونه ويشتغل معهم.
قوله: (وفي الحديث: من حلف على يمين يقتطع بها مال امرئ مسلم هو فيها فاجر، لقي الله وهو عليه غضبان ):
هذا الحديث فيه تحذير من الحلف الكاذب، وذلك لأن الإنسان إذا عرف أنه
لا حق له على إنسان أو عليه له حق، فعليه أن يعترف بما عنده، فإذا حلف وهو كاذب واقتطع مالأ بيمينه في هذه القضية فقد أكل حرامًا وفجر واستهان بأسماء الله تعالى التي حلف بها.