تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
213437 مشاهدة
المزارعة

والمزارعة: بأن يدفع الأرض لمن يزرعها بجزء مشاع معلوم من الزرع.
وعلى كل منهما: ما جرت العادة به، والشرط الذي لا جهالة فيه.
ولو دفع دابة إلى آخر يعمل عليها، وما حصل بينهما: جاز.


رابعا: المزارعة
قوله: (والمزارعة: بأن يدفع الأرض لمن يزرعها بجزء مشاع معلوم من الزرع...الخ):
فيقول مثلا: ازرع هذه الأرض ولي نصف الزرع، ولك النصف قل أو أكثر، وعلى كل منهما ما جرت العادة به، فالعامل عليه حرث الأرض، وتسويتها، وإصلاح الجداول، وإخراج الماء، والحصاد وما أشبه ذلك، والمالك عليه الماكينة وما أشبه ذلك.
إذا كان الشرط معلوما ليس فيه جهالة فإنه جائز.
قوله: (ولو دفع دابته إلى آخر يعمل عليها وما حصل بينهما جاز):
هذه تسمى مؤاجرة، يعني: أعطاه دابته، وقال: لك نصف ما يحصل عليها من دخل ونحوه، أو أعطى له سيارته، وقال: هذه السيارة اعمل عليها ولك نصف الدخل بتعبك، ولي نصفه أجرة سيارتي مثلا، فكل هذه الأشياء التي شرعت لأجل المصلحة بين العباد تجوز.
فائدة: العقد اللازم والعقد الجائز
من العقود ما هو عقد لازم، ومنها ما هو عقد جائز، فعقد البيع لازم إلا إذا كان فيه خيار، وبعد تمام شروطه وانتفاء أسباب الخيار يصبح عقدا لازما، وسواء كان بيع منقول أو بيع عقار.
كذلك عقد الرهن لازم في حق الراهن، جائز في حق المرتهن؛ فالراهن لا يقدر على استرجاعه، والمرتهن يجوز أن يسقط رهنه أو حقه من الرهن.
كذلك عقد الحجر، مثل أن يحجر الإمام أو يحجر الشرع على إنسان، عقد لازم.
أما عقد الوكالة فإنه عقد جائز، وكذلك عقد الشركة بأنواعها هو عقد جائز، وعقد المساقاة وعقد المزارعة عقد جائز؛ يجوز لكل من المتعاقدين فسخه؛ وذلك لأنه شبيه بالمصالحة، إلا أن عقد المزارعة والمساقاة فيه خلاف، حيث هناك من يلزم الوفاء به، وذلك لأنه قد يترتب على فسخه ضرر على أحد المتعاقدين، كما إذا زارعه على هذه الأرض وبعدما زرعها واخضر الزرع طرده المالك، وقال: لا حق لك، فإنه في هذه الحال يتضرر، ولكنهم يقولون: له أجرة مثله والزرع للمالك، وكذلك إذا طرده في الثمر له أجرة مثله، والثمر للمالك لأنه عين ماله.
وأما الصلح فإنه إذا تم فإنه يصبح عقدا لازما، فلا يستطيع أحدهما أن يفسخه.
فاللازم هو الذي إذا تم لا يمكن فسخه كالنكاح، وأما الجائز فهو الذي يمكن لكل منهما فسخه كالوكالة.