(يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين (الجزء الثاني)
213337 مشاهدة
الأطعمة من الحيوان وغيره


كتــاب الأطعمــة

كتاب: الأطعمة
وهي نوعان: حيوان وغيره
* فأما غير الحيوان- من الحبوب والثمار وغيرها- فكله مباح، إلا ما فيه مضرة، كالسم ونحوه، .


كتاب: الأطعمة
قوله: (وهي نوعان: حيوان وغيره. فأما غير الحيوان- من الحبوب، والثمار وغيرها- فكله مباح... إلخ):
معلوم أن الله تعالى ما أنبت هذه النباتات إلا لمصلحة، ولكن من هذه النباتات ما هو علف للدواب كالحشيش ونحوه، ومنها ما يصلح أن يأكل منه الإنسان كالخضار والفواكه؟ سواء كانت تؤكل مطبوخة أو غير مطبوخة، فإنها قوت للإنسان، والأصل فيها الحل والإباحة، قال تعالى: كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعَامَكُمْ [طه:54] .
أما إذا كان هناك نبات فيه ضرر فإنه حرام على الإنسان أن يأكله، مثل السم، وكذلك الأشياء الضارة كالمخدرات والدخان، حيث إن الدخان فيه مادة سامة تسمى النيكوتين معروف أنها إذا جعلت في طعام الدواب تقتلها، من أجل ذلك فإنها تضر بالمدخن، والذي يخفف ضررها هو الإحراق، ولكنها تضره تدريجيًّا، فلو أن إنسانًا مضغ هذا الدخان وفيه هذه المادة لمات؛ فمن أجل ذلك حرم كل شيء فيه ضرر على الإنسان، وليس له أن يقول: أنا حر في نفسي؛ بل أنت عبد الله تمتثل ما يأمرك به الله، فلست حرًّا في نفسك فلا تتعاط ما يقتلك أو يؤذيك

فإن الله تعالى حرم على الإنسان أن يؤذي أحدًا حتى نفسه، فحرم عليه أن يقتل نفسه، قال تعالى: وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ النساء: 29 .
فالمقصود أن النباتات الأصل فيها الإباحة إلا ما هو ضار أو ما لا يصلح قوتا إلا للدواب على اختلافها، وقد جعل الله لها معرفة بما يناسبها؛ فالإبل يناسبها نوع من الحشيش، والبقر يناسبها غيره، والأغنام قد لا يناسبها ما يناسب الإبل، وكذلك بقية الدواب.