إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
الأجوبة الفقهية على الأسئلة التعليمية والتربوية
67135 مشاهدة
جرأة المدرس علي الله بإصدار الفتاوى بغير علم


س 24: وسئل -وفقه الله- يتساهل بعض المدرسين في الجرأة على الله، وذلك بإصدار الفتاوى بغير علم وذلك عندما يسأل من قبل أحد الطلاب، فيُحلّل ويحرِّم ويوجب ويقول: هذا مستحب وهذا مكروه وهذا مباح، ثم يتبين أن فتواه غير صحيحة، والحامل على ذلك حتى يظهر أمام الطلاب أنه طالب علم وهو ليس كذلك، وهذا ليس بخاص بمدرسي العلوم الشرعية، فما حكم ذلك؟ وما هي الآثار السيئة في الفتوى على الله بغير علم، سواء على نفس المفتي أو على المستفتي أو على الأمة؟
فأجاب: هذا خطأ كبير؛ فإنه من التقوُّل على الله -تعالى- الذي توعد عليه بقوله: وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ فمن تجرأ وأفتى وحلل وحرّم بغير علم فقد أدخل في الشرع ما ليس منه، وقد قال -تعالى- وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ؛ أي: لا تتكلم فيما لا تعلمه، وقد كان أكابر العلماء يتوقفون في مسائل كثيرة؛ خوفًا من القول بغير علم، ويستدلون بقوله -تعالى- وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ فقد روي أن مالك بن أنس -إمام دار الهجرة- رُفع إليه أربعون مسألة، فأفتى في أربع فقط وتوقف في الباقي، مع أن السائل جاء من مكان بعيد، ولم يكن ذلك نقصًا في هذا الإمام، وهكذا الإمام أحمد يتوقف عن المسائل التي لا يجد فيها دليلًا، وإذا احتيج إلى الجزم قال: أرجو أو أستحسن أو ينبغي كذا وكذا دون الجزم بالحكم.
فعلى المدرس وغيره ألا يتجرأ في الحكم، فإن سئل وهو في الفصل الدراسي رد المسألة إذا كانت خارجة عن موضوع الدرس، وانشغل بالدرس الذي يقوم بإلقائه، وإن سئل خارج الدرس وكانت المسألة ليس له بها علم أحال على من هي من اختصاصه، وإن شك في الحكم ولم يستحضر الدليل توقف، وقد كان كبار مشايخنا يسألون في الدرس عن بعض المسائل، فيقول أحدهم: لا أدري لا أدري، ويقولون: إنَّ لا أدري نصفُ العلم، ومن أخطأ لا أدري أصيبت مقاتله ويقول الناظم في آداب العلم:
وقــل إذا أعيـاك ذاك الأمرُ
مـالي بمـا تسـأل عنـه خبر
فــذاك نصف العلم فاحفظنَّهْ
واحـذر هُديتَ أن تزيـغ عنه
فربمـا أعيـا ذوي الفضـايل
جـواب مـا يلقى من المسائل
فيمسكوا بـالصمت عن جوابه
عند اعتراض الشك في صوابه

وقال بعض مشايخنا: إن القول على الله بلا علم يعتبر أكبر من الشرك؛ واستدل بقوله -تعالى- قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ؛ فإنه ذكر الأسهل وهو الفواحش، ثم الإثم وهو أكبر من الفواحش، ثم البغي وهو أكبر من الإثم، ثم الشرك وهو أكبر من البغي، ثم القول على الله بلا علم فهو أكبر من الشرك؛ لأنه تخرُّص في الدين وتجرؤ على الحكم وتشريع بغير مستند، فهو مزاحمة للرب في تشريعه، فأمّا إن علم الدليل واستحضره فإنه يقول به، ولو لم يكن من أهل الفتوى، حتى لا يكتم العلم، وإذا شك فيه قال: هذا ما أعلم وفوق كل ذي علم عليم.
وقد ورد النهي عن كتمان العلم فقال -تعالى- وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ وفي الحديث: من سئل عن علم فكتمه أُلْجِمَ يوم القيامة بلجام من نار رواه أحمد وأهل السنن وصححه الحاكم وغيره