إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به)       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
الأجوبة الفقهية على الأسئلة التعليمية والتربوية
67190 مشاهدة
عدم إعادة المدرس الاختبار للطالب ولو كان متدينًا ومجتهدًا


س 58: وسئل -رعاه الله- بعض المدرسين إذا عرف أحد الطلاب أو أحب فيه صفات معينة، كالخلق والتدين والجد والاجتهاد، ثم أخفق في الامتحان أعطاه فرصة أخرى لإعادة امتحانه ؛ علمًا بأن غيره أولى منه بإعادة الامتحان لكون درجة غيره أقل، فما رأي سماحتكم في ذلك؟
فأجاب: أرى ألا يفعل ذلك؛ فإن هذا خلاف العدل قال الله -تعالى- إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وقال -تعالى- وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ وذلك أن المدرس قد علمهم سواء، وقام أمامهم مربيًا وناصحًا ومدرسًا، فكلهم استووا في التلقي عنه، وقد سوى بينهم في أسئلة الامتحان، فعليه أن يسوي بينهم في التصحيح ومنح الدرجات التي يستحقونها، فمن تقدم منهم وأجاب بالصواب أعطاه ما يستحقه، ولو كان من ذوي الأخلاق السيئة والعصيان، ولو كان مهملًا ومفرطًا، ومن أخطأ في الجواب أعطاه بقدر جوابه دون أن يزيد له في الدرجات أو يعيد له الامتحان، ولو كان من الصالحين والدعاة إلى الخير وأهل التدين وحسن الأخلاق.
فأما العفو والصفح والإكرام والتقدير فيكون في محله، مثل تشجيعه عند المقابلة، وتوجيه النصح إليه، وحثه على الاجتهاد والعفو عن خطئه إذا سأل أو استفسر عن شيء معلوم، وكذا قبول عذره في التأخر ونحوه إذا عرف صدقه ونصحه، فأما في الاختبار الذي يعم طلاب الفصل فلا يجوز فيه التمييز والتفضيل، مما يتخذ مطعنًا في المدرس وعيبًا ظاهرًا فيه.