القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير logo الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
shape
الأجوبة الفقهية على الأسئلة التعليمية والتربوية
113976 مشاهدة print word pdf
line-top
الإجراء الأمثل الذي يتخذه المدرس مع الطالب السيئ في سلوكه وأخلاقه داخل الفصل


س 59: وسئل -حفظه الله- بعض المدرسين إذا قصّر الطالب وأهمل في واجباته، أو صدر منه كلام في الفصل بدون إذن المدرس، أو تحرك في الفصل وهو على مقعده، أو ضرب زميله من باب المزاح، أو أكل حبًّا، أو نعس وغير ذلك؛ أخرجه المدرس من الفصل وحرمه الحصة كلها أو أغلبها، أو أبقاه في الفصل واقفًا رافعًا يديه إلى أعلى، أو أبقاه واقفًا على قدم واحدة ويديه إلى أعلى، أو ضربه ضربًا مبرحًا؛ فهل هذه الإجراءات أو بعضها -في نظركم- لائقة من ذلك المدرس المربي؟
فأجاب: على المدرس أن يربي الطلاب تربية حسنة، وأن يعلمهم العلم النافع والأدب والسمت الحسن وأن يستعمل معهم اللين في موضعه والشدة في موضعها، ولا شك أنه يوجد بينهم من قد عصى وقسا وصلب عن التأديب، بحيث يحدث منهم التقصير والإهمال في الواجبات المدرسية؛ فعلى المدرس أن يوبخ على ذلك ويكثر من العذل والتقريع والتوبيخ؛ رجاء أن يتأثروا، فيحدث لهم ذلك انتباهًا وإقبالًا، واهتمامًا بالواجبات، وحرصًا على الكمال وحصول السبق والتفوق.
وأما الكلام في الفصل بدون إذن، وكذا كثرة الحركة وهو في مقعده؛ فإنه من سوء الأدب، فلا بد من التأديب على ذلك بما يحصل معه الارتداع، وكذا يقال في التضارب بينهم في الفصل، ومضغ العلك وأكل حب البطيخ حالة التدريس، وكذا التناعس والتقاعس والكسل، كل ذلك من الأخلاق السيئة، فإن حصل الارتداع بالنصح والتوجيه أو بالتقريع والتوبيخ أو بالتعليم والتحذير فهو الأولى، فإن لم يحصل استعمل المدرس الشدة معهم بحسب الحال، فله أن يخرج ذلك العابث من تلك الحصة، وله أن يمنعه من الدخول، أو يوقفه في الفصل على قدميه، أو يكلفه بحالة شاقة كرفع يديه إلى أعلى، وله أن يضربه ضربًا غير مبرح، إذا كان ذلك مما يجدي، وله أن يتوعده بحسم درجة أو أكثر من درجات امتحانه الشهري، وهكذا، لكن إنما يفعل ذلك إذا لم يتأثر بالتأديب الحسن، وأصر على الفسق والعصيان والمخالفة، وبذلك يحصل التأدب واحترام الدرس والمدرس، والله أعلم.


line-bottom