لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم.    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
الأجوبة الفقهية على الأسئلة التعليمية والتربوية
67226 مشاهدة
وقوع المدرس في أعراض بعض إخوانه المدرسين أو في أحد الإداريين أو في بعض الطلاب


س 41: وسئل -حفظه الله- بعض إخواننا المدرسين إذا كان عندهم فراغ اجتمعوا، ثم وقعوا في أعراض بعض إخوانهم المدرسين، أو في أحد الإداريين، أو في بعض الطلاب بالكلام السيئ البذيء، وسواء كان هذا الكلام الذي قاله المغتاب حقًّا أم كذبًا، فما حكم ذلك؟
فأجاب: أمر الغيبة من المصائب العامة للمدرسين ولغيرهم، رغم ما ورد فيه من الوعيد الشديد، فقد قال الله -تعالى- وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وقد فسر النبي -صلى الله عليه وسلم- الغيبة بأنها: ذِكرك أخاك بما يكره ولو كان فيه مما تقول، وإذا كان الكلام فيه كذبًا فهو البهتان، سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ .
فنصيحتي للإخوان المدرسين وغيرهم أن يشغلوا فراغهم هناك بالبحث والقراءة في الكتب النافعة، سواء في علم الدين أو الأدب أو الأخلاق أو الاجتماع؛ ليتزودوا من العلم المفيد في هذه الحياة، وأن يحترموا إخوانهم وزملاءهم من مدرس ومدير وطالب ونحوهم، فلا يتنقصوهم ولا يحتقروهم ولا يتبعوا عثراتهم، فقد ورد في الحديث المرفوع: يا معشر من آمن بلسانه ولم يفض الإيمان إلى قلبه، لا تؤذوا المؤمنين ولا تتبعوا عوراتهم؛ فإنه من تتبع عوراتهم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه ولو في جوف بيته رواه أحمد وأبو داود بإسناد صحيح ولما قالت عائشة -رضى الله عنها- حسبك من صفية كذا وكذا؛ تعني أنها قصيرة فقال: لقد قلتِ كلمةً لو مُزِجتْ بماء البحر لَمَزَجَتْهُ وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن أربى الربا استطالة المسلمين في أعراض إخوانهم ؛ فالواجب عليهم التوبة وتحسين الظن بالمسلم وعدم تنقصه، والإعراض عن عيب المسلم وثلبه والتوبة من ذلك، والله أعلم.