الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير
الأجوبة الفقهية على الأسئلة التعليمية والتربوية
67140 مشاهدة
تساهل المدرس في تصحيح أوراق الاختبار


س 23: وسئل -حفظه الله- بعض المدرسين يتساهل في التصحيح لينجح الطلاب، وفيهم من ليس بأهل للنجاح؛ ليقال مدرس جيد وناجح في تدريسه ويُفهم الطلاب، ومن ثم يُمدح من قِبل الإدارة والطلاب، أو يكون قصده حتى يسلم من وضع أسئلة الدور الثاني والتصحيح، أو لأغراض أخرى، وقد رأيت ذلك من بعض المدرسين، ومثال ذلك مادة التعْبير؛ حيث يقلب المدرس ورقة الإجابة ويضع الدرجة التي يراها من غير قراءة لما سُطِّر في تلك الورقة، فهل يجوز ذلك شرعًا؟
فأجاب: على المدرس الإخلاص في تدريسه، والحرص على تفهيم الطلاب وأداء الدرس بوضوح وتمام، فمتى فعل ذلك فالغالب أن الطالب المجتهد والنشيط يبرز نشاطه، ويظهر علمه، ويتفوق في إجابته، وأن المهمل والمتغافل والبليد يخفق في إجابته، ويظهر أثر تساهله، وعدم اهتمامه في أدائه للجواب، كما قيل: عند الامتحان يُكرم المرء أو يُهان؛ فعلى هذا يلزم المدرس أن يعطي كل ذي حق حقه، وألا يتغاضى عن الأخطاء في الإجابة والهفوات، وأن يتعامل معهم بالعدل، فلا يزيد هذا ولو كان نشيطًا، ولا يتساهل مع هذا لضعفه، ولا يزيد من نقص جوابه إلا أن يحتاج في جميع المواد لدرجة أو درجتين حتى يتجاوز المستوى.
ثم إن الذي يتساهل في التصحيح ويكتب الدرجات بالخرص قد خان الأمانة، ومال مع الطالب لقرابة أو شفقة، وهذا الميل حرام، وكذا التساهل في قراءة الأجوبة، بل الواجب أن يقرأ جميع الجواب ثم يكتب له ما يستحقه من الدرجات سواء كثرت أو قلّت، حتى يعرف قوة التعْبير والقدرة على الإيراد، أو ضعف الأسلوب واشتمال الجواب على الخطأ، ولا يجوز أن يقصد المدرس الشهرة بأن دروسه كلها مفهومة، وأن تلاميذه كلهم قد نجحوا، سواء كان قصده انتشار ذكره في المجتمع، أو قصده السلامة من التصحيح للدور الثاني، أو أراد الإسراع بالتصحيح حتى لا يطول زمن التصحيح؛ فكل ذلك يعتبر خللًا في العمل وإهمالًا في أداء الأمانات، والله أعلم.