شريعة الإسلام شريعة واسعة كاملة، اشتملت على كل ما تمس إليه حاجة البشر، حاجة الذكور والإناث في الدنيا وفي الآخرة، فذكر الله تعالى نساء الدنيا وجعل لهن أحكاما، وذكر النساء في الآخرة وذكر ثوابهن كثواب الرجال المؤمنين، وفي هذا تمام العدل والحكمة logo تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع.
shape
الفتاوى الرمضانية
41882 مشاهدة print word pdf
line-top
الفتاوى الرمضانية

بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال:-
      ما حكم صلاة التراويح ؟ وما فضل قيام ليالي رمضان مع الإمام؟ وما قولكم في حال كثير من الناس ممن ترك هذه الفضيلة العظيمة، وانصرف لتجارة الدّنيا، وربّما لإضاعة الوقت باللعب والسّهر؟
الجواب:-
     صلاة التراويح هي القيام في ليالي رمضان بعد صلاة العشاء، وهي سنة مؤكَّدة، كما دلّ على ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: من قام رمضان إيمانا واحتسابا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه متفق عليه وقيام رمضان شامل للصلاة أول الليل وآخره، فالتراويح من قيام رمضان، وقد وصف الله عباده المؤمنين بقيام الليل، كما قال - تعالى - وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (الفرقان:64) وقال - تعالى - كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (الذاريات:17) .
     ويُستحب أن يُصلي مع الإمام حتى ينصرف، فقد روى أحمد وأهل السنن بسند صحيح عن أبي ذر -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة .
     وكان الإمام أحمد - رضي الله عنه - لا ينصرف إلا مع الإمام عملا بهذا الحديث، ولا شك أن إقامة هذه العبادة في هذا الموسم العظيم تُعتبر من شعائر دين الإسلام، ومن أفضل القربات والطاعات، ومن سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - كما روى عبد الرحمن بن عوف عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله -عز وجل- فرض عليكم صيام رمضان، وسننتُ لكم قيامه .
     فإحياء هذه السنّة وإظهارها فيه أجر كبير، ومضاعفة للأعمال، وقد ورد في بعض الآثار: إن في السماء ملائكة لا يعلم عددهم إلا الله -عز وجل- فإذا دخل رمضان استأذنوا ربهم أن يحضروا مع أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - صلاة التراويح، فمن مسهم أو مسوه سعد سعادة لا يشقى بعدها. فكيف يفوت المسلم هذا الأجر الكبير، وينصرف عنه لتعاطي حرفة أو تجارة، أو تنمية ثروة من متاع الحياة الدّنيا التي لا تساوي كلها عند الله جناح بعوضة، فهؤلاء الذين يزهدون في فعل هذه الصلاة ، ويشتغلون بأموالهم وصناعاتهم، لم يشعروا بالتفاوت الكبير بين ما يحصل لهم من كسب أو ربح دنيوي قليل، وما يفوتهم من الحسنات والأجور، والثواب الأخروي، ومضاعفة الأعمال في هذا الشهر الكريم.
 ولقد أكبّ الكثير على الأعمال الدنيوية في ليالي رمضان، ورأوا ذلك موسما لتنمية التجارة، وإقبال العامة على العمل الدنيوي، فصار تنافسهم في ذلك، وتكاثرهم بالمال والكسب، وتناسوا قول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا رأيت من ينافسك في الدّنيا فنافسه في الآخرة .
أما الذين يسمرون هذه الليالي على اللهو واللعب فهم أخسر صفقة، وأضل سعيا ، وذلك أن الناس اعتادوا السهر طوال ليالي رمضان غالبا ، واعتاضوا عن نوم الليل بنوم الصبيحة وأول النهار أو أغلبه، فرأوا شغل هذا الليل بما يقطع الوقت، فأقبلوا على سماع الملاهي والأغاني، وأكبوا على النظر في الصور الفاتنة، والأفلام الخليعة الماجنة.
ونتج عن ذلك ميلهم إلى المعاصي، وتعاطيهم شرب المسكرات، وميل نفوسهم إلى الشهوات المحرّمة، وحال الشيطان والنفوس الأمارة بالسوء بينهم، وبين الأعمال الصالحة، فصدّوا عن المساجد ومشاركة المصلين في هذه العبادة الشريفة، فأفضلهم من يصلي الفريضة ثم يبادر الباب، والكثير منهم يتركون الفرض الأعظم وهو الصلاة، ويتقربون بالصوم مجاراة ومحاكاة لأهليهم، مع تعاطيهم لهذه المحرمات، وصدودهم عن ذكر الله وتلاوة كتابه، وذلك هو الخسران المبين، والله المستعان.

line-bottom