تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. الاعمى إذا أراد الصلاة فعليه أن يتحرى القبلة باللمس للحيطان إذا كان صاحب البيت، وإلا فعليه أن يسأل من حضر عنده، فإن لم يكن عنده من يسأله تحرى وصلى بالاجتهاد الغالب على ظنه، ولا إعادة عليه، كالبصير إذا اجتهد في السفر ثم تبين له خطأ اجتهاده فلا إعادة عليه. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)
الفتاوى الرمضانية
26141 مشاهدة
تسجيل قراءة القرآن لبعض الأئمة الجدد

السؤال:-
     يلاحظ أن بعض أصحاب التسجيلات الإسلامية -وفقهم الله- من حرصهم على نفع المسلمين، وكذلك من باب التنافس مع التسجيلات الأخرى، يقومون بتسجيل قراءة بعض الأئمة الجدد خصوصا من الشباب (صغار السن) ممن رُزق صوتا حسنا ، ويتم توزيع هذه الأشرطة على هيئة إصدارات تُباع في الأسواق، إلاّ أن هناك ملاحظتين نأمل التوجيه من فضيلتكم عليهما:
      أولا : يتم إصدار هذه الأشرطة دون العناية التامة بها، فتخرج أشرطة غير صافية تتخللها تكبيرات، ويقع في القراءة أخطاء كثيرة ولحن، قد يصل إلى اللحن الجليّ.
     ثانيا : تصرف بعض التسجيلات على الإصدار بعض التكاليف المالية والجهود، وبالتالي تقوم هذه المحلات بالاحتفاظ بالحقوق، فما مدى مشروعية هذا العمل. إضافة إلى أن دفع هؤلاء الأئمة الشباب إلى الساحة، والتسجيل لهم وإطلاق عبارة (قراءة فضيلة الشيخ...) عليهم قد يؤدِّي ذلك إلى دخول العجب والرّياء إلى نفوسهم، وهم في بداية الطريق، فما هو توجيهكم أثابكم الله؟
الجواب:-
 هذه المفاسد يجب تلافيها، فيجب (أولا ) على أهل التسجيلات تصفية القراءة من غيرها، وعدم تسجيل السكتات والتكبيرات، وكل ما ليس من القرآن، حتى لا يختلط القرآن بغيره، فكما لا يجوز كتابة غيره معه في المصاحف، مع عدم التمييز، فكذا لا يجوز في التسجيل مخافة الاشتباه، وكذا لا يجوز إقرار الأخطاء من نقص أو زيادة أو تغيير أو لحن، ولو لم يغير المعنى، فإن تسجيل ذلك ونشره تغيير وتحريف لكلام الله، وإظهار لهذه الاغلاط عند من لا يتفطَّن لها، كما أن فيها عيبا ونقصا لذلك القارئ، حيث ينتشر غلطه، وكثرة خطئه.
     وأما احتفاظ أهل التسجيلات بحق التسجيل، ومنعهم أن يُسجّل عند غيرهم، فقد يكون لهم الحق في ذلك، حيث تعبوا وتكلّفوا في التسجيل، وصرفوا عليه مالا كثيرا ، كما يحصل ذلك في المطابع ، لكن الأولى بهم التغاضي والتسامح بنشره، حرصا على نشر العلم والفوائد بين المسلمين ، وأما ما ذكر السائل من مبالغتهم في وصف القارئ وإطرائهم له فلا ينبغي مثل هذه المبالغة خوف الإِعجاب بالنفس، واحتقار الغير، ولا مانع من وصفه بالقارئ ونحوه إذا كان أهلا لذلك. والله أعلم.