إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك. إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) .
شرح نظم البرهانية
69120 مشاهدة
كيفية توريث الإخوة مع الجد إذا كان معهم أصحاب فروض

...............................................................................


وكذلك إذا كان معهم أصحاب فروض فإنا نعطي أصحاب الفروض فروضهم، ثم ننظر في الباقي كذلك؛ فنقول: إذا كان الأحظ له المقاسمة فيما بقي فإنه يقاسمهم، وإن كان الأحظ له ثلث الباقي أخذه، وإن كان الأحظ له سدس المال أخذه، وإن لم يبق إلا أقل من السدس أو لم يبق شيء عالت له المسألة حتى يأخذ السدس؛ إما كاملاً وإما عائلا.
فمثال ما إذا كان معه أصحاب فروض:
إذا فرضنا أن معهم أما، وأن عندنا مثلاً جد وأخ وأم، ففي هذه الحالة الأم تأخذ الثلث، والثلثان الباقيان؛ يأخذ الجد الثلث ويأخذ الأخ الثلث وفي هذه الحال تكون المقاسمة وثلث المال سواء.
فإن كان معه جد وأخ وأخت، فإن الأم لا تأخذ إلا السدس؛ لوجود الجمع من الإخوة، وإذا أخذت الأم السدس بقي عندنا خمسة أسداس. هذه الخمسة؛ عندنا جد وعندنا أخ وعندنا أخت، فالجد عن اثنين والأخ عن اثنين والأخت عن واحد، والخمسة تنقسم عليهم، فللجد اثنان؛ سهمان سدسان، وللأخ سدسان، وللأخت سدس، في هذه الحال المقاسمة أحظ له؛ كما في المسألة التي قبلها. المقاسمة أحظ له من ثلث الباقي. يعني: في خمس الصور التي تقدمت إذا كانوا أقل من مثليه.
كذلك لو كان معه أخت واحدة، فالأم أخذت الثلث والثلثان الباقيان بين الجد وبين الأخت؛ للجد سهمان وللأخت سهم، فأخذ ثلثي الباقي، فهو أحظ له من ثلث الباقي، وكذلك لو كان معهم زوجة وجد وأخ؛ ففي هذه الحال الزوجة تأخذ الربع، ويبقى عندنا ثلاثة أرباع، وعندنا جد وأخ. المقاسمة أحظ له؛ لأنه يأخذ سهم ونصف، والأخ يأخذ سهم ونصف. يعني: نصف الباقي فهو أحظ له من ثلث الباقي. أما لو كان عندنا أخوان وجد؛ الزوجة أخذت الربع وبقي ثلاثة الأرباع، وعندنا جد وعندنا أخوان يقتسمان الباقي؛ للجد سهم وللأخ سهم وللأخ سهم، وهاهنا تستوي له المقاسمة وثلث الباقي؛ لأن الباقي ثلاثة وثلثها واحد، فيكون أخذ ثلث الباقي أو أنه قاسمهم. لو قسمنا الثلاثة بينهم لانقسمت؛ كل واحد له واحد. هذه المقاسمة وثلث الباقي استوت له.
وتارة يستوي له ثلث الباقي والمقاسمة وسدس المال. إذا كان عندنا زوج يأخذ النصف ويبقى النصف ثلاثة، وعندنا جد وأخوان؛ إذا قاسمهم أخذ واحدا وأخذ واحدا وأخذ واحدا، ثلاثة، يعني: ثلاثة إذا قاسمهم فله ثلث الباقي، وإذا قلنا له: لك ثلث الباقي، ما حصل له إلا واحد، وإذا قلنا: لك سدس المال ما حصل له إلا واحد؛ لأن الثلاثة هي نصف المال والواحد منها سدس المال، سدس التركة كلها فيستوي له في هذه الحال المقاسمة وثلث الباقي وسدس المال.
ثم إذا لم يبق إلا السدس فإنه يأخذه ويسقط الإخوة ولو كانوا كثيرًا؛ يسقطون ولو كانوا كثيرًا. مثال ذلك: إذا كان عندنا زوج؛ له الربع، وأم لها السدس، وبنت لها النصف، وجد وإخوة. المسألة من اثني عشر. المسألة أولاً: أعطينا البنت النصف؛ ستة، وأعطينا الأم السدس؛ لوجود الفرع الوارث. هذه ثمانية، وأعطينا الزوج الربع؛ ثلاثة هذه إحدى عشر. بقي عندنا واحد، هذا الواحد نصف السدس، من يأخذه؟ تعول المسألة إلى ثلاثة عشر، ونعطيه الجد ونسقط الإخوة؛ لاستغراق الفروض التركة بل لعولها، ما بقي إلا نصف السدس فتعول له المسألة، فإن كان عندنا مثلاً؛ عندنا بنتان وأم وزوج وجد وإخوة. البنتان لهما الثلثان؛ ثمانية، والأم لها السدس هذه عشرة، والزوج له الربع؛ هذه ثلاثة عشر، وتعول المسألة إلى خمسة عشر، فنعطي الجد السدس؛ لأجل ألا ينقص وألا يحرم بحال؛ لأنه كالأب لا يمكن أن يحرم، فتعول المسألة إلى خمسة عشر؛ لكثرة فروضها، ويسقط الإخوة في هذه الحال.
وكذلك لو لم يبق إلا السدس. مثاله بنتان وأم وجد وإخوة. البنتان لهما الثلثان؛ أربعة من ستة، والأم لها السدس؛ واحد من ستة، ويبقى عندنا سدس يأخذه الجد ويسقط الإخوة، فالضابط أنه لا يحرم ولا يسقط بحال؛ بل إما أن يأخذ السدس الباقي كما في مسألتنا، وإما أن يأخذ نصف السدس وتعول له المسألة، تعول إلى ثلاثة عشر، وإما أن تستغرق الفروض التركة قبله وتعول له المسألة أيضًا، فتعول إلى خمسة عشر؛ كما لو كان بدله أب. لا يمكن أنه يسقط بحال. دلنا ذلك على أنه أقوى من الإخوة في هذه الحال.
يبقى عندنا مسألة العمريتين: هل يقاس بالجد أم لا؟ الجد هل هو مثل الأب؟ ليس مثل الأب، إذا كان عندنا زوج وأم وجد؛ ففي هذه الحال الزوج له النصف، هل نعطي الأم ثلث الباقي كما لو كان أب؟ ما نعطيها بل تأخذ الثلث، فإنها أقوى من الجد؛ لأنها باشرت الولادة، والأب باشر الولادة، والجد بواسطة، فتأخذ الثلث؛ الثلث كاملاً لها؛ فحينئذ نعطي الزوج النصف والأم الثلث والجد السدس، ويسقط الإخوة؛ لكن إذا كان معنا جمع من الإخوة فإنهم يحجبونها إلى السدس، وأما إذا لم يكن معنا إلا أخ، أو لم يكن هناك إلا جد فإنها لا تعطى ثلث الباقي، ولكن تأخذ الثلث كاملاً. كذلك مسألة الزوجة: إذا كان عندنا زوجة وجد وأم. الزوجة لها الربع، ويبقى ثلاثة أرباع، الأم كم تأخذ؟ تأخذ الثلث كاملاً، فحينئذ تكون المسألة من اثني عشر. الزوجة لها الربع؛ ثلاثة والأم لها الثلث؛ أربعة هذه سبعة، والباقي للجد الذي هو خمسة. لو كان بدل الجد أب ما أخذت إلا ثلث الباقي؛ لم تأخذ الثلث كاملاً، فدل ذلك على أنه لا يقاس بالأب في مسألة العمريتين.