القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير    عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة)       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك.
شرح نظم البرهانية
69093 مشاهدة
من ذهب إلى توريث الأشقاء في المسألة المشركة

وأما الشافعية -ومنهم صاحب الرحبية، وصاحب البرهانية- فإنهم يورثون الأشقاء مع الإخوة لأم؛ ولهذا يسمون المسألة المشرَّكة أو المشتركة؛ فيقولون: نعطي الإخوة من الأم والإخوة الأشقاء الثلث، يشتركون فيه.
ويقولون: إنهم جميعًا اشتركوا في القرابة؛ القرابة التي قربت الإخوة من الأم هي أمهم، فقد شاركوهم فيها فصاروا مثلهم بقطع النظر عن أبيهم. أمهم التي وردت هؤلاء قد وردت هؤلاء، فيكونون كلهم في رتبة واحدة، وهي القرابة من الأم؛ ولهذا قالوا: هب أن أبانا كان حمارًا أليست أمنا واحدة؟ وكذلك قالوا: هب أن أبانا حجرًا في اليم، يعني: ليس له تأثير، الأم التي وردوا بها نحن وردنا بها.
ويقول العلماء، -ومنهم ابن كثير في التفسير؛ لأنه شافعي يقول أو ينقل- إن لم يزدهم الأب قربًا لم يزدهم بعدًا. لا شك أن قرابة الأب تقويهم، فكيف تضعفهم؟ وكيف يحرمون مع أن أباهم واحد؟ الأب الذي أدلى به، يعني: أن أمهم واحدة، فأمهم جمعتهم، فالأب لا يزيدهم إلا قوة، ولا يزيدهم إلا قرابة، فيكونون أولى أن يورثوا. إن لم يزدهم الأب قربًا لم يزدهم بعدًا. هذا هو الذي اختاره الناظم، واختاره زيد بن ثابت الصحابي المشهور يختار أنهم يورثون، وهو القول الأخير لعمر ... لما قالوا: هب أن أبانا كان حمارا. فالشافعية يرون أنهم يشتركون، وأما الحنابلة فيرون أنهم يسقطون.
إذا نظرنا في التعليل؛ فقول الشافعية أقرب للتعليل -العلة- وإذا نظرنا في الدليل والنصوص؛ فقول الحنابلة أقوى في الدليل؛ يعني: عملاً بظاهر الأحاديث وبظاهر القرآن، ولكل اجتهاده. في النظر وفي التقادير وفي التعاليل التشريك أولى، وأما إذا نظرنا في ظاهر الحديث فالإسقاط هو الذي تقتضيه الأدلة. لو كان بدل الأم جدة ما تغير الحكم؛ لأن الجدة ترث السدس. فإذا كانت الأم مفقودة والجدة موجودة سواء جدة أم أب، أو جدة أم أم فإن الحكم واحد إذا كان عندنا إخوة أشقاء وإخوة لأم وجدة وزوج، فالجدة لها السدس، والزوج له النصف، والإخوة من الأم لهم الثلث، ويسقط الإخوة الأشقاء أو يشاركون الإخوة من الأم. هذا باب المشركة.