اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده    جاء الشرع الشريف مرغبا في حسن المعاملة مع الأفراد والجماعات ؛ فحث على اختيار الرفقاء الصالحين ونفر من قرناء السوء، ورغب في زيارة الإخوان والأنس بهم، وأخبر بأن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أفضل من صاحب العزلة؛ فإن الأول ينفع الناس ويرشدهم، ويتحمل ما ناله في ذات الله من إساءة وضرر. يجوز أن يعلم القبر بعلامات يعرف بها، فقد ثبت أنه صلى الله عليه و سلم لما دفن عثمان بن مظعون جعل عند قبره حجرا وقال: "أعرف به قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي". فيجوز أن يجعل علامة كحجر أو لبنة أو خشبة أو حديدة أو نحو ذلك، ليميز بها القبر عن غيره حتى يزوره ويعرفه.أما أن يكتب عليه فلا يجوز؛ لأنه قد نهي أن يكتب على القبور حتى ولو اسمه، وكذلك نهي أن يرفع رفعا زائدا عن غيره.
شرح نظم البرهانية
69072 مشاهدة
رأي الشيخ ابن جبرين وترجيحه في مسألة ميراث الجد مع الإخوة

هذه ضرب أمثلة؛ وإلا فالأصل أن العمل بالدليل. يعني: أن الدليل هو أن يقال: أين الدليل على أن الجد يشارك الإخوة؟ ليس عندكم إلا أقيسة. لما لم يرد فيها دليل، ولم تقع في العهد النبوي وإنما وقعت في عهد عمر -رضي الله عنه- كره أولاً الحكم فيها، وكان يرده، ويقول: لا تأتونا بالجد والإخوة، لا تبحثوا فيها؛ ولكن من المصادفة أنها وقعت لعمر ؛ حيث مات أحد أولاده في حياته، وله ذرية. ابن لعمر مات في حياته، ثم إن الذرية هؤلاء مات واحد منهم، ولما مات كان عمر جده، جد هذا الميت وله إخوة وأبوه قد مات قبله، فقال: إذن وقعت المسألة فلا بد أن نبت فيها. كان -أولاً- يختار أن الجد يسقطهم؛ ولكن من باب التورع ورث أولاد ابنه من أخيهم مع أنه موجود، فقالوا: لعله ورثهم من باب التورع أو أنه لا يحب أن يحكم لنفسه، فيسقط الإخوة ويرث هو مال ابنه ابنه، أو أن ذلك ترجح عنده.
قد ذكروا أن عمر أفتى في هذه أكثر من خمسة أقوال، كل مرة يترجح عنده قول. بالغ بعضهم فذكر أقوالا كثيرة؛ فعلى هذا نقول: الراجح من حيث الدليل أن الجد أب وأنه يسقط الإخوة وهو الذي عليه العمل، وأما الذي عليه المذهب في كتب المذهب الحنبلي والشافعي والمالكي. فإن العمل على أنهم يرثون مع الجد.