إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. لم يوجد أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم دخل في بدعة ولا خالف السنة ولا جماعة المسلمين،ولا خرج على أئمة الدين بل الصحابة كلهم عدول؛ وذلك لأنهم تلقوا الوحي من النبي مباشرة فوصل الإيمان إلى قلوبهم، فلم يكن إيمانهم عن تقليد بل عن فقه واتباع. لا بأس أن يكتب المسلم اسمه في طرة المصحف (جانبه) مخافة اشتباه مصحفه بغيره، فقد لا يناسبه إلا مصحفه المخصص له، ولا بأس أن يكتب بعض الفوائد على الهوامش كتفسير كلمة أو سبب نزول أو ما أشبه ذلك.       إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه.
شرح نظم البرهانية
69038 مشاهدة
صورة المسألة المشركة وبيان أدلة من ذهب إلى عدم توريث الأشقاء فيها

بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه أجمعين. قال الناظم- رحمه الله تعالى-
(باب: المُشركة)
وإن مـع الــزوج وأم تصـب
أولاد أم مـع شقيق عصــب
فـاجعـله مـع أولاد أم شركة
واقسـم على الجميع ثلث التركة
(باب: ميراث الجد والإخوة)
أحوال جـد مـن أب مـع أخـوة
لغـير أم خمســة بالعـــدة
يقاسـم الإخـوة إن فـرض فقد
أو يـأخذ الثلـث إن الثلـث يزد
وثلث ما يبقى عن الفـرض إذا
نقص بالقسمـة عنـه أخــذا
أو سدس المـال وفـي الإنـاث
يُعدُّ كــالأخ لـدى المــيراث
إلا مع الأم فــــلا تنحجـب
به بـل الثلـث لهـــا مـرتب
(فصل في المعادة)
واحسب عليه ابن أب إن وجـدا
وأعط سهمـه الشـــقيق أبـدا
(باب: الأكدرية)
لا فرض مع جــد لأخـت أولاً
إلا إذا أم وزوج حصـــــــلا
فافرض له السدس كذا النصف لها
حتى لتسـعة يكــون عـولهــا
وأعطه بالقسمة الشـــرعيـة
كما مضـى فهـي الأكـــدريـة


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,, بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين؛ نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
علم الفرائض: هو ما تقدم من معرفة أهل الفروض، وكذلك أهل التعصيب، وكذلك الحجب. هذا هو من أتقنه فقد عرف الفرائض، عليك أن تعرف أهل الفروض، وكيف يأخذون فروضهم. ثم تعرف البقية، وأنهم أهل التعصيب. ثم تعرف من يحجب منهم ومن لا يحجب. وأما بقية الأبواب المشرَّكة، والجد والإخوة، والمعادَّة، والأكدرية، والحساب، وما أشبهها؛ فإنها تعتبر مكملات متممات، أو تعتبر مسائل فيها خلاف. فإذا عرفت المسائل الأصلية استطعت أن تقسم، وأن تعرف من الذي يرث ومن لا يرث، وأهم شيء -كما ذكرنا- الحجب. ذكرنا أن الحجب قسمان: حجب أوصاف: وهي موانع الإرث. وحجب أشخاص -أي- شخص يحجب شخصًا. وأن حجب الأشخاص ينقسم إلى قسمين:
حجب حرمان: أن لا يرث شيئًا.
وحجب نقصان: أن يحجب من أوفر حظه.
وذكرنا أن حجب النقصان سبعة: أربعة انتقالات، وثلاثة ازدحامات: ازدحام في فرض، وازدحام في تعصيب، وازدحام في عول. وأما الانتقالات: انتقال من فرض إلى فرض أقل منه، وانتقال من فرض إلى تعصيب أقل منه، وانتقال من تعصيب إلى فرض أقل منه، وانتقال من تعصيب إلى فرض أقل منه. وأن الورثة أربعة أقسام بالنسبة إلى حجب الحرمان: فقسم يَحجبون ولا يُحجبون؛ وهم الولدان والأبوان، لا أحد يسقطهم وهم يسقطون غيرهم. والقسم الثاني: لا يَحجبون ولا يُحجبون؛ وهم الزوجان، لا أحد يسقطهم ولا يسقطون أحدًا. والقسم الثالث: يُحجبون ولا يَحجبون؛ وهم الإخوة من الأم. والقسم الرابع: يَحجبون ويُحجبون؛ وهم بقية الورثة.
بعد ذلك.. ذكروا هذه المسائل الخلافية: مسألة المُشرَّكة. هكذا سموها: المشركة؛ وتسمى -أيضًا- المشتركة، وتسمى الحمارية والحجرية. أركانها: زوج، وأم، وإخوة لأم، وإخوة أشقاء. هؤلاء بالنسبة إلى الزوج لا أحد يمنعه عن النصف؛ فيأخذ النصف كاملاً وهو ثلاثة من ستة، الإخوة من الأم يستحقون الثلث -اثنين من ستة- الأم لها السدس -واحد من ستة-؛ فهؤلاء استغرقوا الفروض. جاء الإخوة الأشقاء فقالوا: نحن أولى من الإخوة من الأم؛ كيف يرثون ونحن لم نرث؟ الواسطة التي أدلوا بها نحن ندلي بها، وهي الأم؛ الذي قربهم هو الأم، وقد اشتركنا معهم في الأم، أمنا وأمهم واحدة؛ فكيف مع ذلك لا نرث معهم؟
وقعت هذه المسألة في عهد عمر فأسقط الإخوة الأشقاء، ولما وقعت في المرة الثانية جاءوا إليه، فقالوا: يا أمير المؤمنين هب أن أبانا كان حمارًا؛ أليست أمنا واحدة؟! فعند ذلك شرَّكهم، فقيل له: إنك قد أسقطهم في عام أول. قال: ذلك على ما قضينا عليه، وهذا على ما نقضي عليه، أو ما نقضي به. والاجتهاد لا ينقض الاجتهاد؛ حيث إن المسألة ليس فيها حديث، ما ورد فيها دليل مرفوع.
فلذلك الذين أسقطوا الإخوة الأشقاء قالوا: إنهم أهل تعصيب، وأهل التعصيب يسقطون إذا استغرقت الفروض التركة، وأما الإخوة من الأم فهم أهل فرض، فيقدمون على أهل التعصيب، والدليل الحديث: ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فلأولى رجل ذكر فعندنا الزوج صاحب فرض أعطيناه ثلاثة، والأم لها فرض السدس، والإخوة من الأم أصحاب فرض، لا أحد يسقطهم؛ فرضهم الثلث. والإخوة والأخوات الأشقاء لو كانوا إخوة وأخوات أو إخوة ذكورا أصحاب تعصيب، وأصحاب التعصيب يسقطون إذا استغرقت الفروض التركة؛ لأنا عرفنا أن المعصب: هو الذي إذا انفرد حاز المال، وإن بقي شيء بعد أهل الفروض أخذه، وإن استغرقت الفروض التركة سقط. فأنتم أيها الأشقاء أصحاب تعصيب، فتسقطون لاستغراق الفروض التركة.
هذا الذين أسقطوهم عملوا بهذا الحديث: ألحقوا الفرائض بأهلها .
معلوم أن الإخوة من الأم أنهم أصحاب فرض؛ فيقدمون ويعطون فرضهم. وأما الأشقاء فإنهم أصحاب تعصيب؛ فليس لهم شيء عند استغراق الفروض التركة؛ كما لو كانوا إخوة من الأب، أو كانوا بني إخوة أشقاء؛ فإنهم يسقطون لا شيء لهم. كذلك لو كان بدل الإخوة الأشقاء أخت شقيقة ما سقطت؛ لأنها صاحبة فرض، فتأخذ النصف مع أن الأخوين أو الخمسة الإخوة من الأم لا يزيدون على الثلث.
كذلك لو كان شقيقتان ما سقطتا؛ بل يأخذان الثلثين، وتعول المسألة -تعول إلى تسعة أو تعول إلى عشرة- إذا أعطينا الزوج النصف؛ النصف -ثلاثة- وأعطينا الشقيقتين الثلثين -أربعة- وأعطينا الأم السدس -واحد- وأعطينا الإخوة من الأم الثلث -اثنين-؛ عالت إلى عشرة.
فإذا جاء مع الأخوات الشقائق أخ شقيق أسقطهم كلهم، وصار هو الأخ المشئوم، أسقطهم فلا يرثون شيئًا؛ وذلك لأنه ينقلهم من الإرث بالفرض إلى الإرث بالتعصيب فيسقطون؛ لأن هذا شأن أهل التعصيب. هذا قول الذين يسقطونهم. ورجح ذلك كثير من المحققين، وهو الذي رجح في كتب المذهب الحنبلي في زاد المستقنع يقول: ويسقطون في الحمارية. فهذه تسمى الحمارية؛ يسقط الأشقاء.